أ. لا نسلّم أنّ المراد من «الرد» القياس والردّ إلى ما استنبط من الأمر والنهي ، بل يمكن أن يكون المراد البحث عن كون المتنازع فيه مأمورا أو منهيا حتى يدخل تحت قوله : (أَطِيعُوا اللهَ ،) فالأمر الأوّل بالطاعة للأمر والنهي ، والثاني بالبحث عن المتنازع فيه هل هو مأمور أو منهي أو لا؟ فلا تكرار ، والغرض من الآية أمرنا بطاعة الله فيما نعلم أنّه أمرنا به ، وأمرنا بما لا نعلم أنّه أمرنا به ممّا اختلفنا فيه أن نرده إلى كتاب الله وسنّة نبيه بأن يفحص عنه فيهما ، حتّى إذا علمنا أنّه ممّا أمرنا الله تعالى به دخل في ما قد أوجبه علينا في أوّل الآية من طاعته وطاعة رسوله ، فلا تكرار.
ب. هو خطاب مواجهة ، وظاهره قصره على الحاضرين بالطاعة لله ولرسوله ، فإن تنازعوا في شيء لم يظهر من الكتاب ولا السنّة ردّوه إلى الرسول بالسؤال عنه.
لا يقال : القصر على الحاضرين تخصيص من غير دليل ، وهو باطل.
لأنّا نقول : ظاهر المواجهة يقتضي القصر على الحاضرين ، فالتعميم خلاف الأصل. وأيضا لو سلّمنا ظهور العموم لكن تركنا للظاهر من هذا الوجه تمسّك بالظاهر من وجه آخر حيث جعلناه عامّا في أهل الاجتهاد وغيرهم ، وأنتم تخصّون به أهل الاجتهاد ، فكلّ منّا ومنكم تارك الظاهر ، وأنتم مستدلّون فعليكم الترجيح ، وهو معنا بالأوّل.
لا يقال : الأمر بالطّاعة عام في الجميع في كلّ زمان فكذا الأمر بالردّ ، لأنّ الضمير في المخاطب بالردّ عائد إلى المخاطب بالطاعة ، فإذا كان الثاني عاما بالنسبة إلى كلّ زمان فكذا الأوّل.