وقال أبو الحسين البصري : إن كان الخبر متواترا وكان نصا لا يحتاج إلى بحث وتأمّل فالإجماع مستند إليه ، إذ لا يجوز مع تواتره أن لا يتّفقوا عليه مع طلبهم لما يدلّ على الحكم ، ولا يجوز مع ظهوره أن لا يدعوهم (١) إلى الحكم ، سواء ظهر فيهم خبر قبله أو لا.
وإن احتاج إلى البحث والاستدلال لم يجب استنادهم إليه ، لإمكان استنادهم إلى متواتر هو أجلى ، واكتفي بالإجماع عن نقله ، أو استدلّ به بعضهم واستدلّ الباقي بخبر واحد أو قياس وإن كان آحادا ؛ فإن لم ينقل إلينا ظهوره فيهم جاز استناده إليه وقد كان ظاهرا عندهم ولم ينقل ظهوره وإلى غيره أو بعضهم لأجله وبعضهم لغيره ؛ وإن كان قد ظهر ، فإن روي آحادا جوّزنا صدق الراوي وأن يكون إجماعهم لأجله وجوّزنا كذبه ، فلا يعلم أنّ إجماعهم لأجله لكن صدقه مظنون ، وإن نقل ظهوره بالتواتر جاز أن يجمعوا لأجله ؛ ويقطع على ذلك بأن يقولوا أجمعنا لأجله ، أو كنّا متوقّفين عن الحكم بأجمعهم ، أو كان بعضهم حكم بخلافه فلما سمعوه قالوا به وجاز أن يجمعوا لأجل غيره.
والأصل فيه أنّ اجتماع الدّلائل الكثيرة على مدلول واحد جائز. إذا ثبت هذا فلو أجمعوا على مقتضى خبر الواحد لم يقطع على صدق المخبر ، لجواز أن تكون المصلحة الحكم بما ظن صدقه من الأخبار ، سواء كانت صادقة أو كاذبة ، ولا يلزم من كذب الخبر كذب الحكم.
__________________
(١) في «أ» : يدل.