ويخبره بأمور قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف متى تؤخذ؟ فعيّن له اليوم ، فوافق ذلك ، كذلك في صفد وقيساريّة.
ولمّا عاد إلى الكرك سنة خمس وستّين استشاره في قصده ، فأشار أن لا يقصده ، وأن يمضي إلى مصر فخالفه ، وقصد الكرك ، فوقع عند بركة زيزى وانكسرت فخذه.
ولمّا قصد حصن الأكراد مرّ الشّيخ خضر ببعلبكّ ، فسألوه عن أخذ الحصن ، فقال : يأخذه السّلطان في أربعين يوما. فوافق ذلك (١).
ولمّا توجّه السّلطان إلى الرّوم ، كان خضر في الحبس ، فأخبر أنّ السّلطان يظفر ويعود إلى دمشق ، وأموت ويموت بعدي بعشرين يوما. فاتّفق ذلك كذلك.
قال : ولمّا نقم السّلطان عليه ، وأحضر من يحاققه ، ونسب إلى أمور لا تصدر عن مسلم ، فشاور السّلطان في أمره ، فأشاروا بقتله ، فقال هو للسّلطان : أنا أجلي قريب من أجلك ، وبيني وبينك أيّام يسيرة. فوجم السّلطان وتوقّف في قتله ، وحبسه وضيّق عليه ، لكنّه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس.
وكان حبس في شوال سنة إحدى وسبعين.
ولمّا وصل السّلطان من الرّوم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه ، فوصل البريد بعد موته.
وكان السّلطان قد بنى له عدّة زوايا في عدّة بلاد ، وصرّفه في المملكة
__________________
(١) وقال الصقاعي : كان في تردّده إلى الشام يقيم بالقبّة التي رسم الملك الظاهر بعمارتها له على الربوة من صوب المزّة ، وكان يسمّيها : المعبد. وأطلق له كنيسة اليهود وأملاكهم التي حولها. وعمل وليمة في الكنيسة من جملتها بسائس في نقائر ، وتراجموا به وداسوا خبزه تحت الأرجل في رقصهم عند عود السلطان من فتوح حصن الأكراد وعكار. (تالي وفيات الأعيان ٦٩ ، ٧٠).