وهو ما أخرج منه ، وما أدخل فيه وليس منه ، والطريق الى معرفة كون الشيء ناسخا ومنسوخا ولنبدأ بفائدة اسمه ، ثمّ نعقّبه بحدّه ثمّ نذكر باقي أحكامه بتوفيق الله تعالى.
واعلم أنّ اسم النسخ في اللّغة موضوع للإزالة ، وللنقل والتحويل.
فأمّا الإزالة ، ففي قولهم : نسخت الشّمس الظلّ ، أي أزالته ، لأنّه قد لا يحصل [الظلّ] في مكان آخر فيظنّ أنّه انتقل إليه ، ويقال : نسخت الرّيح آثار القوم.
وأمّا النقل والتحويل ، فقولهم : نسخت الكتاب ، أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر ، ومنه تناسخ الأرواح (١) ، وتناسخ القرون قرنا بعد قرن ، وتناسخ المواريث ، ويراد تحويلها ونقلها من وارث إلى آخر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٢) أي ننقله إلى الصحف.
وقد اختلف هنا فقال القاضي أبو بكر ، (٣) والغزّالي (٤) وغيرهما : إنّه مشترك بين هذين.
__________________
(١) التناسخ : عبارة عن انتقال النّفس أو الروح من البدن الدنيويّ إلى بدن مثله في هذه النشأة وهو مذهب البراهمة والهندوس وله صور وأقسام ثلاثة ، والقول بالتناسخ يضادّ القول بالمعاد الّذي أطبق عليه أصحاب الشرائع ، والتفصيل في محلّه.
(٢) الجاثية : ٢٩.
(٣) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٧١.
(٤) المستصفى : ١ / ٢٠٧.