١٨٩ ه) ، وتلميذه الآخر القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري (١١٣ ـ ١٨٢ ه) ، وهذان الفقيهان اتّصلا بأبي حنيفة وانقطعا إليه وتفقّها على يديه وبهما انتشر المذهب ، والفضل للمؤسّس لا للمدوّن.
وهذا هو أحمد بن محمد بن حنبل (١٦٤ ـ ٢٤١ ه) الحافظ الكبير حيث لم يصنّف كتابا في الفقه يعدّ أصلا ومرجعا ، وإنّما جمع أصوله تلميذ تلميذه «الخلال» من الفتاوى المتشتّتة الموجودة بين أيدي الناس ، وجاء من جاء بعده فاستثمرها وبلورها حتى صارت مذهبا من المذاهب.
يقول الشيخ أبو زهرة : إنّ أحمد لم يصنّف كتابا في الفقه يعدّ أصلا يؤخذ منه مذهبه ويعدّ مرجعه ولم يكتب إلّا الحديث. (١)
ومع هذا فقد صقل تلاميذه مذهبه وألّفوا موسوعة فقهية كبيرة ، كالمغني لابن قدامة ...
وأمّا مسألة التدوين فهي وإن كانت أمرا مهما قابلا للتقدير لكن لا نخوض فيها ، على الرغم من وجود تآليف في أصول الفقه للشيعة الإمامية يعود تاريخها إلى نهاية القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجري.
ومن سبر تاريخ الحديث والفقه ودور الأئمة الاثنى عشر وخاصّة الباقر والصادق عليهماالسلام في حفظ سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتوعية الناس ، يقف على أنّ حضور مجالسهم كان واسعا جدا ، فكان يحضر فيها فئات مختلفة من طوائف المسلمين ، وكانت خطاباتهم موجهة إلى عامّة الحاضرين .. فإنّ الفوارق الّتي نشاهدها اليوم بين السنّة والشيعة لم تكن في عصر الإمامين عليهماالسلام على حد تصد
__________________
(١) ابن حنبل حياته وعصره لأبي زهرة : ١٦٨.