مساوية من المفسدة ، ويبقى الزائد من المفسدة مجرّد مفسدة خالية عن المعارض ، فيرجع إلى الأوّل ، وهو اشتمال الأمر على مفسدة خالصة.
وإن تساويا ، كان الأمر به عبثا غير لائق بالحكيم.
فلم يبق إلّا أن يكون مصلحة خالصة ، أو زائدة على المفسدة.
وحينئذ (١) لا يرد الإذن بالترك ، وإلّا لزم تفويت المصلحة الخالصة ، لأنّه إن وجدت مفسدة مرجوحة ، صارت معارضة بمساويهما من المصلحة ، ويبقى الزائد من المصلحة مصلحة خالصة ، وتفويت المصلحة الخالصة غير لائق بالحكيم ، لأنّه قبيح عرفا ، فيكون كذلك عند الله تعالى ، لقوله عليهالسلام : ما راه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن ، وما راه المسلمون قبيحا ، فهو عند الله قبيح (٢).
والمندوب خفّف الله تعالى فيه على العبد ، فيبقى الباقي على حكم الأصل.
لا يقال : كما أنّ الإذن في تفويت المصلحة الخالصة قبيح ، فكذا إلزام المكلّف استيفاء المصلحة ، بحيث لو لم يستوفها ، استحقّ العقاب قبيح أيضا ، إذ يقبح عرفا : «استوف هذه المنافع لنفسك ، وإلّا عاقبتك».
لأنّا نقول : إنّه وارد في جميع التكاليف ، فلو كان معتبرا بطلت (٣).
__________________
(١) هذا هو الشقّ لقوله «أمّا الأوّل» فكان الانسب أن يقول «وأمّا الثاني فلا يرد ...».
(٢) عوالي اللئالي : ١ / ٣٨١ (قطعة من الحديث) وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده : ١ / ٣٧٩ ؛ والحاكم في المستدرك : ٣ / ٧٨.
(٣) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول لاحظ : ١ / ٢٢٦. وقد اعترض عليه المصنّف فيما يأتي بقوله : «وفيه نظر» كما نقل اعتراضا أخر عليه ، وهو لصاحب التحصيل. كما في الكاشف عن المحصول : ٣ / ٢٣١.