يكن مجازا ، فقولك : جاء زيد وعمرو ، وحذف «جاء» لدلالة الأوّل عليه ، ولمّا لم يتغيّر الإعراب ، لم يحكم عليه بالمجاز ، وكذا في طرف الزيادة.
ومع تغيّر الإعراب يكونان مجازين ، وذلك إنّما يكون عند نقل اللفظ من إعراب إلى إعراب آخر.
وقال أبو عبد الله البصري أخيرا : «الحقيقة ، ما أفيد بها ما وضعت له» والمجاز : «ما أفيد به غير ما وضع له» نقله فخر الدين عنه (١).
واعترض عليه بأنّه يدخل في الحقيقة ما ليس منها ، فإنّ لفظة الدّابّة إذا استعملت في الدودة والنّملة فقد أفيد بها ما وضعت له في أصل اللغة مع أنّها بالنسبة إلى الوضع العرفيّ مجاز ، فقد دخل المجاز العرفيّ فيما جعله حدّا لمطلق الحقيقة ، وهو باطل.
وقوله في المجاز : إنّه ما أفيد به غير ما وضع له ، باطل بالحقيقة العرفيّة والشرعيّة ، فإنّ اللّفظة أفيد بها ـ والحال (٢) هذه ـ غير ما وضعت له في أصل اللّغة ، فقد دخلت هذه الحقيقة في المجاز.
وأيضا إمّا أن يريد بقوله : «ما أفيد به غير ما وضع له» أنّه أفيد به غير ما وضع له بدون القرينة أو معها.
والأوّل باطل ، لعدم إفادة المجاز بدون القرينة.
والثاني ينتقض بما إذا استعمل لفظ السماء في الأرض ، فإنّه قد أفيد به
__________________
(١) المحصول في علم الأصول : ١ / ١١٤ ؛ ولاحظ المعتمد في أصول الفقه : ١ / ١٢.
(٢) في المصدر : «والحالة».