قيل : لا يجوز أن يجعل القرآن بدلاً من كلامه ، وقد جاء : ( لا يُناظر (١) بكلام الله ) وهو أن لا يتكلّم عند الشيء بالقرآن ، كما يقال لمن جاء في وقته : ( جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ ) (٢) وما شابهه ؛ لأنّ احترام القرآن ينافي ذلك وقد استعمله في غير ما هو له ، فأشبه استعمال المصحف في التوسّد (٣) .
ويستحب دراسة القرآن والبحث في العلم والمجادلة فيه ودراسته وتعليمه وتعلّمه في الاعتكاف ، بل هو أفضل من الصلاة المندوبة ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لما فيه من القربة والطاعة .
وقال أحمد : لا يستحب له إقراء القرآن ولا دراسة العلم ، بل التشاغل بذكر الله والتسبيح والصلاة أفضل ؛ لأنّ الاعتكاف عبادة شُرّع لها المسجد ، فلا يستحب فيها إقراء القرآن وتدريس العلم ، كالصلاة والطواف (٥) .
والفرق : أنّ الصلاة شرّع [ لها ] (٦) أذكار مخصوصة وخشوع ، واشتغاله بالعلم يقطعه عنها ، والطواف لا يكره فيه إقراء القرآن ولا تدريس العلم .
ولأنّ العلم أفضل العبادات ، ونفعه متعدٍّ (٧) ، فكان أولى من الصلاة .
مسألة ١٨٤ : وفي تحريم شم الطيب لعلمائنا قولان :
أحدهما : التحريم ، وهو الأقوى ؛ لقول الباقر عليه السلام :
__________________
(١) في المصدر : لا تناظروا .
(٢) طه : ٤٠ .
(٣) القائل هو ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٤٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٦١ .
(٤) المجموع ٦ : ٥٢٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، المغني ٣ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦١ .
(٥) المغني ٣ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦١ ، المجموع ٦ : ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦١ .
(٦) زيادة يقتضيها السياق .
(٧) في « ط » : متعدّد .