٤ ـ توبته لأجل طلب الرؤية :
إنّ موسى عليهالسلام بعد ما أفاق ، أخذ بالتنزيه أولاً ، والتوبة والإنابة إلى ربّه ثانياً ، وظاهر الآية أنه تاب من سؤاله ، كما أنّ الظاهر من قوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أنّه أوّل المصدّقين بأنه لا يرى بتاتاً.
وللباقلاني (ت ٤٠٣ ه) أحد دعاة مذهب الإمام الأشعري كلامٌ في تفسير التوبة ، أشبه بالتفسير بالرأي ، قال :
يحتمل أنّ موسى تاب لأجل أنّه ذكر ذنوباً له قد قدّم التوبة منها ، فجدّد التوبة عند ذكرها لهول ما رأى ، أو تاب من ترك استئذانه منه سبحانه في هذه المسألة العظيمة (١).
لكن كلّ ما ذكره وجوه لا يتحمّلها ظاهر الآية ، وإنّما تورّط فيها لأجل دعم المذهب ، وهذا هو الذي ندّد به النبيّ الأكرم قائلاً : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار» (٢) ، ومثله قول الرازي في تفسير قوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنّه لا يراك أحدٌ في الدنيا ، أو أوّل المؤمنين بأنّه لا يجوز السؤال منك إلّا بإذنك (٣).
* * *
شبهات المخالفين
قد تقدّم أنّ الآية استدلّ بها النافون والمثبتون ، وقد تعرّفت على استدلال النافين ، وليس استدلال المثبتين للرؤية استدلالاً علمياً ، وإنّما يرجع محصّل
__________________
(١) الباقلاني ، التمهيد : ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٢) البحار ٣ : ٢٢٣ / ح ١٤ وفيه : من فسّر القرآن بغير علم ...
(٣) الرازي ، مفاتيح الغيب ١٤ : ٢٣٥ بتلخيص ، لاحظ خاتمة المطاف تجد فيها كلمات السلف الصالح في تفسير التوبة.