موقنين ، ولا مؤمنين ، وهذه صفة مقلد للناس لا محقق ، فظهر أن هذا الخبر حجة عليهم كافية وبالله تعالى التوفيق.
وأما قولهم : إن الله عزوجل قد ذكر الاستدلال في غير موضع من كتابه وأمر به ، وأوجب العلم به ، والعلم لا يكون إلا عن استدلال ، فهذه أيضا زيادة أقحموها وهي قولهم : «وأمر به» فهذا لا يجدونه أبدا ، ولكن الله تعالى ذكر الاستدلال وحضّ عليه ، ونحن لا ننكر الاستدلال بل هو فعل حسن مندوب إليه ، محضوض عليه كل من أطاقه ، لأنه تزود من الخير وهو فرض على كل من لم تسكن نفسه إلى التصديق نعوذ بالله عزوجل من البلاء وإنما ننكر كونه فرضا على كل أحد لا يصح إسلام أحد دونه هذا هو الباطل المحض.
وأما قولهم : إن الله تعالى أوجب العلم به فنعم.
وأما قولهم : والعلم لا يكون إلا عن استدلال ، فهذه هي الدعوة الكاذبة التي أبطلناها آنفا وأول بطلانها أنها دعوى بلا برهان وبالله تعالى العزيز الحكيم نتأيد.
قال أبو محمد : هذا كل ما شغبوا به قد نقضناه ، والحمد لله رب العالمين.
فسقط قولهم إذ تعرى من البرهان ، وكان دعوى منهم مفتراة لم يأتي بها نص قط ، ولا إجماع ، وبالله التوفيق.
قال أبو محمد : ونحن الآن ذاكرون بعون الله وتوفيقه وتأييده البراهين على بطلان قولهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظم.
قال أبو محمد : يقال لمن قال لا يكون مسلما إلا من استدل أخبرنا متى يجب عليه فرض الاستدلال أقبل البلوغ أم بعده؟. ولا بدّ من أحد الأمرين ، فأما الطبري فإنه أجاب بأن ذلك واجب قبل البلوغ.
قال أبو محمد : وهذا خطأ لأن من لم يبلغ ليس مكلفا ولا مخاطبا ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رفع القلم عن ثلاثة» فذكر «الصغير حتّى يحتلم» (١) فبطل جواب الطبري رحمهالله.
وأما الأشعرية : فإنهم أتوا بما يملأ الفم ، وتقشعر منها جلود أهل الإسلام ،
__________________
(١) رواه البخاري في الطلاق باب ١١ ، والحدود باب ٢٢. وأبو داود في الحدود باب ١٧. والترمذي في الحدود باب ١. والنسائي في الطلاق باب ٢١. وابن ماجة في الطلاق باب ١٥. والدارمي في الحدود باب ١. وأحمد في المسند (١ / ١١٦ ، ١١٨ ، ١٤٠ ، ١٥٥ ، ٦ / ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٤٤).