واحضاره بنفسه عند المخاطب ففي المقام يحضر المتكلم الحكم الانشائي للمخاطب ويخبره عن وجوده في الاسلام أو في فتواه أو في رأيه. وهذا كما يقول الواضع عند وضعه لفظ زيد لمعنى (زيد وضعته لهذا المعنى) هذا كله مع ما قد عرفت فيما سبق من عدم ثبوت هذا القيد.
ويرد عليه خامسا ما ذكره بعض المعاصرين انه لا يصح إرادة النهي لأن هذا التركيب إنما يصح إرادة النهي فيه من النفي فيما لو كان للمنفي حكم ثابت في الشرائع السابقة أو عند العقلاء كما في قوله عليهالسلام «لا رهبانية في الاسلام» فان الرهبانية كانت مشرعة في الامم السابقة وغير مشرعة في الاسلام ومثله قوله عليهالسلام «لا قياس في الدين» فان حجية القياس كانت مرتكزة عند أهل السنة. والضرر لم يكن جائزا عند الشرائع السابقة ولا عند العقلاء فلا يصح إرادة النهي من نفيه. ولا يخفى ما فيه فان إرادة النهي من النفي لا تستدعي ذلك. سلمنا انها تستدعيه لكن العقلاء ما زالوا يضرون الغير في سبيل مصالحهم والنهي يكفي لصحته ردع الغير عنه كما في النهي عن الخبائث واذا صح النهي صح التعبير عنه بالنفي للطبيعة وبغيره.
ثاني الوجوه المحتملة في (لا ضرر) والمنسوب الى الفاضل التوني وهو كون (لا) نافية والجملة حملية خبرية على حقيقتها إلا أنّ في الكلام حذفا واصل الكلام لا ضرر غير متدارك في الاسلام ولا ضرر من غير جيران في الشرع فيكون المراد ان الضرر غير المتدارك لا يوجد في الاسلام نظير ما قيل في قوله تعالى (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) إن المراد لا ريب معتد به فيه وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا عسر ولا حرج في الدين» انه لا عسر معتد به ولا حرج معتد به في الدين ولازمه ان الشارع لم يطلبه ولم يرده