وانتفائها لا يوجب ايجاديتها مضافا الى ان هذه المعاني لو حصلت من الجملة اللفظية الموجبة لايجادية هذه الادوات لزمت ان تكون من شئون الاستعمال فتكون متأخرة عنه مع انها نفس المستعمل فيه ولازم ذلك أن يكون سابقا على الاستعمال فيلزم ان يكون شيئا واحدا متقدما ومتأخرا وهو باطل بالضرورة على ان ما نتصوره فى النفس من مفاهيم الاسماء إما مرتبطة بعضها مع بعض او غير مرتبطة فان كانت مرتبطة فلا معنى لكون الحروف توجد الربط بين المفاهيم الاسمية لانه يلزم تحصيل الحاصل وان تصورناها غير مرتبطة فلا يعقل احداث الربط بينها لان الموجود بحسب وعائه من الواقع او الاعتبار أو الذهن لا ينقلب عما هو عليه بعد أن فرض ان الالفاظ تحضر المعاني الموجودة وتلقيها الى المخاطب على ما هي عليه من غير ان تقلبه ويؤيد ما ذكرنا ما فى الرواية المروية عن مولانا امير المؤمنين عليهالسلام الحرف ما انبأ عن معنى لا اسم ولا فعل فان التعبير بما انبأ فيه دلالة على كون الحروف كلها اخطارية وان كان يروى انه قال الحرف ما اوجد معنى في غيره وبعض الاعاظم رجح هذه النسخة لكونها موافقة لما حققه من كون الحروف ايجادية ولكن لا يخفى انها قابلة للتأويل فان الالفاظ لما كانت قوالبا للمعاني وان النسبة اللفظية تكشف عن النسبة الذهنية كشفا بنحو المرآة والمرئي فالقضية الملفوظة هي القضية المعقولة فتكون متحدة معها. فحينئذ تكون تلك الهيئة المخصوصة كأنها قد وجدت بنفسها.
فظهر مما ذكرنا ان الفرق بين المعنى الاسمي والحرفي انما هو بالهوية فان معاني الاسماء معان مستقلة وليست من سنخ النسب والاضافات بخلاف معاني الحروف فان معانيها ربطية ومن سنخ النسب والاضافات فلا يحل احدهما محل الآخر من غير فرق بين القول بانها ايجادية او اخطارية بل لو قلنا بان معاني الحروف هي