فثبت من هذا البيان ان كل ملحوظ يكون مستقلا اى يصير المعنى الحرفى جزئيا بهذا اللحاظ لكن لا يكون هذا اللحاظ مأخوذا فى المستعمل فيه الحاصل ان المعنى الحرفى يكون حالة لمعنى آخر كما قال صاحب الكفاية انه لا يكاد ان يكون المعنى حرفيا الّا اذا لوحظ حالة لمعنى الآخر والمراد من الحالة بان يجعل المعنى الحرفى خصوصية لمعنى الآخر مثلا من يكون خصوصية للسير والبصرة اى يكون لفظ من لبيان حال الغير مثلا يبين ان حال البصرة أن تكون ابتداء السير.
فى تشبيه المعقول على الموجود الخارجى
اقول بعبارة اخرى قد علم فى علم النحو ان فى الخارج موجودا قائما بذاته وموجودا قائما بغيره وكذلك فى الذهن معقول ومعلوم هو مدرك قصدا ملحوظ فى ذاته يصلح ان يحكم عليه وبه ومعقول مدرك تبعا وآلة لملاحظة غيره فلا يصلح شىء منهما يعنى كما ان فى الخارج موجودين احدهما مستقل قائم لذاته كالجواهر وهو ما له قيام لذاته سواء كان مركبا كالحيوان والاحجار او مجردا كالنفوس الناطقة فانه يصح هذا الحجر ثابت وهذا الحيوان جسم والآخر موجد وغير قائم بذاته كالاعراض وهى ما ليس له قيام بذاته بل يحتاج الى شىء آخر كالسواد والبياض وغيرهما فانهما لا يصح ان يحكم عليه وبه وشبه فى هذا المقام المعقول بالمحسوس لتوضيح المعنى الاسمى والحرفى اى يكون فى الذهن موجود قائم بذاته فهو عبارة من المعنى الاسمى وكذا يكون فى الذهن موجود قائم بالغير فهو عبارة من المعنى الحرفى ولا يقع المحكوم عليه وبه.
اما الفعل فيكون باعتبار معنى التضمنى مستقلّا ويقع مسندا لانه وضع لاسناد المادة الى الذات ويكون هنا قول الآخر هو انه ليس للحرف معنى اصلا بل هى نظير علامات الاعراب من الرفع والنصب والجر حيث ان الأول علامة للفاعلية والثانى علامة للمفعولية والثالث علامة للمضاف اليه من دون ان يكون لنفس الرفع