هو التقدير ، لصار
معنى الكلام : إنا قدرنا كل شيء. أن الخلق هاهنا ليس هو التقدير ، فوجب أن يكون هو
الإحداث ، ضرورة أنه لا قائل بالفرق.
الثاني : قوله تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ ، فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) والاستدلال كما تقدم.
الثالث : قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ) وهذا التركيب يفيد الحصر. والخلق بمعنى التقدير غير منحصر
، فوجب أن يكون المدلول عليه بهذا الحصر ، هو الخلق. بمعنى الإحداث.
الرابع : قول سلف الأمة : لا خالق إلا الله. وهذا الحصر لا يصح إلا إذا كان الخلق
بمعنى التكوين والإحداث.
وأما مجيء لفظ الخلق
بمعنى التقدير. فيدل عليه وجوه :
الأول : قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى
عِنْدَ اللهِ ، كَمَثَلِ آدَمَ ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : كُنْ.
فَيَكُونُ) ولا شك أن قوله : (كُنْ فَيَكُونُ) استعارة عن الإحداث والإيجاد. ثم إنه تعالى نصّ على أن هذا
الإحداث والإيجاد متأخر عن الخلق ، فوجب أن يكون المراد من لفظ الخلق هاهنا : شيئا
مغايرا للإحداث والإيجاد. فيكون هو التقدير. لأنه لا قائل بالفرق.
الثاني : قوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) وهذا التركيب يدل على كون غيره خالقا. وقد دل الدليل على
أنه لا موجد إلا الله ، فلا بد وأن يكون المراد من الخلق في هذه الآية : شيئا سوى
الإحداث. فيكون هو التقدير. لأنه لا قائل بالفرق.
__________________