التمسك بالدلائل اللفظية ، لا يفيد إلا الظن.
ولنبين تلك الأمور العشرة :
فالأول : [أن التمسك (١)] بالدلائل اللفظية ، يتوقف على نقل مفردات اللغة ، ونقل النحو والتصريف. لكن رواية هذه الأشياء ، تنتهي إلى أشخاص قليلين. لا يمتنع في العرف إقدامهم على الكذب. ومثل هذه الرواية لا تفيد إلا الظن.
الثاني : إن التمسك بالدلائل اللفظية ، يتوقف على عدم الاشتراك. لأن بتقدير حصول الاشتراك ، يحتمل أن يكون المراد من كل واحد من تلك الألفاظ المفردة أمرا ، آخر غير ما تصورناه. وعلى ذلك التقدير يكون المراد من المركب ، أمرا آخر ، غير ما فهمناه. لكن عدم الاشتراك مظنون.
الثالث : ويتوقف أيضا على أن الأصل في الكلام : الحقيقة لأنه كما يستعمل اللفظ في حقيقته ، فقد يستعمل في مجازه. فلو لم نقل : الأصل في الكلام الحقيقة. فربما كان المراد بعض مجازاته. وحينئذ يتغير المعنى لكن عدم المجاز مظنون.
الرابع : ويتوقف على عدم الإضمار وعدم الحذف. بدليل : أن الإضمار والحذف [واردان في كتاب الله. أما الحذف (٢)] فكثير منه قوله تعالى : (قُلْ : تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (٣)
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) سورة الأنعام ، آية : ١٥١ ، واعلم. أن على القول بأن «أن» في (أَلَّا تُشْرِكُوا) تكون مفسرة ، لا تكون «لا» زائدة. والمعنى : أنه أي الحال والشأن : «لا تشركوا» يقول الزمخشري رحمهالله في الكشاف «وأن» في (ألا تشركوا) مفسرة ، ولا للنهي. ويقول الزجاج رحمهالله ـ نقلا عن مجمع البيان ـ :
ما حرم ربكم في موضع نصب بقوله اتل. المعنى اتل الذي حرمه ربكم عليكم فتكون ما موصولة ، وجائز أن يكون في موضع نصب بحرم ، لأن التلاوة بمنزلة القول فكأنه قال أقول أي شيء حرم ربكم عليكم. أهذا أم هذا؟ فجائز أن يكون الذي تلاه عليهم قوله : «إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا» ويكون ألا تشركوا به منصوبة بمعنى طرح اللام أي أبين لكم ـ