النظرية بإرشاد الأنبياء. وقوله : (فَصَلَّى) إشارة إلى استسعاده في تكميل (١)] قوته العملية بإرشادهم وهدايتهم. ثم عاد إلى بيان أحوال المعرضين عن الانتفاع بإرشاد الأنبياء عليهمالسلام. وهدايتهم. وبين أن ذلك الإعراض إنما تولد عن حب الدنيا وقوة الرغبة فيها [فقال: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (٢) ثم بين أن الرغبة في الروحانيات التي تحصل في عالم الآخرة راجحة على لذات هذه الدنيا من وجهين :
أحدهما : أنها خير من اللذات الجسمانية. وقد سبق تقريره في كتاب «النفس (٣)».
والثانية : أنها أبقى من هذه الجسمانيات. وذلك معلوم بالضرورة.
واعلم : أنه ظهر بهذه الآيات أمور أربعة : فأولها : أحوال الإلهيات. وثانيها : صفات النبي (٤) والرسول. وثالثها : انقسام المستمعين إلى من ينتفع بإرشاد الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وإلى من لا ينتفع به ، وبيان أحوال كل واحد من هذين القسمين. ورابعها : التنبيه على أن خيرات الآخرة أفضل وأبقى من خيرات هذه الحياة الدنيا. والأفضل الأبقى ، أولى بالتحصيل. وعند هذا قد تم كل ما يحتاج الإنسان إليه في معرفة المبدأ ، ومعرفة صفات الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ومعرفة أحوال النفس ، ومعرفة الآخرة.
ثم ختم السورة بقوله : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) والمعنى : أن كل من جاء من الأنبياء وأنزل الله عليه كتابا وصحيفة ، فلا مقصود منه إلا هذه المراتب الأربعة المذكورة ، ومن وقف على أسرار هذه السورة على الوجه الذي لخصناه ، علم أن حقيقة القول في النبوة : ليس إلا ما ذكرناه.
__________________
(١) من (ل).
(٢) سقط (ت).
(٣) التفسير (ط).
(٤) الله والرسول (ط).