البطيء أقل ، فتنقسم المسافة. وأيضا : السريع والبطيء إذا تساويا في المسافة ، كان زمان السريع أقل ، فينقسم الزمان. وبهذا الطريق يظهر أن المسافة قابلة للقسمة أبدا [وأن الزمان قابل للقسمة أبدا (٣)] وهو المطلوب.
فهذا تمام الكلام في تقرير هذه الحجة.
قال المتكلمون : البطء لا يمكن حصوله إلا لأجل تخلل السكنات. والدليل عليه : إنا بينا بالدلائل الكثيرة القاهرة : أنه لا معنى للحركة إلا حصولات متعاقبة ، في أحياز متلاصقة. وإذا ثبت هذا ، فنقول : البطء. إما أن يحصل حال دخول ذلك الشيء في الوجود ، وإما أن يحصل بعد دخوله في الوجود. والأول باطل. لأنا قد ذكرنا الدلائل الكثيرة في بيان أن الشيء الواحد ، يمتنع أن يدخل في الوجود ، على سبيل المهلة والتدريج. بل إنما يدخل في الوجود دفعة واحدة. وإذا كان كذلك ، امتنع حصول البطء والسرعة في هذه الحالة ، وإذا بطل هذا ، بقي أن البطء والسرعة إنما يحصل بعد دخول الشيء في الوجود. فإنه إن بقي ذلك الشيء بعد دخوله في الوجود ، فذلك هو السكون. فيكون حصول البطء لأجل حصول ذلك (١) السكون. وإن كان ذلك الشيء بعد دخوله في الوجود : لا يبقى ، بل يفني (٢) دفعة واحدة ، ويحدث بعده شيء آخر ، بشرط أن يكون حدوثه أيضا دفعة. فذلك هو السريع ، الذي لا يعقل وجود سريع أسرع منه ، فثبت بما ذكرنا : أن قول من يقول : إنه توجد حركة أسرع من حركة ، لا لأجل تخلل السكنات : مفرع على قول من يقول : إن الحركة عبارة عن الحدوث على سبيل التدريج.
ولما ثبت فساد هذا ، يجب أن نجيب عن الوجوه التي تمسكوا بها.
أما الوجه الأول : وهو قوله : «لو كان بطء الحركات ، لأجل تخلل السكنات ، لوجب أن تكون حركات الفرس الذي يكون شديد العدو ، أقل
__________________
(١) مكررة في (م).
(٢) هذا (ط).
(٣) بل لا يفنى (م).