بعدا ، لزم كونه داخلا في جملة تلك الأبعاد ، وكونه خارجا عن جملتها. وذلك محال. وإما إن كان مكان جملة [تلك (١)] الأبعاد ليس بعدا ، بل شيئا مغايرا للبعد ، فحينئذ يكون المكان الحقيقي أمرا مغايرا للبعد ، وذلك هو المطلوب. وأما إن كان [البعد (٢)] من حيث إنه بعد ، غير قابل للحركة [فنقول : الجسم له بعد ، وبعده غير قابل للحركة (٣)] فوجب أن لا يكون [الجسم (٤)] قابلا للحركة. وذلك باطل فاسد. فيثبت : أن القول بكون المكان بعدا ، يفضي إلى هذين القسمين الباطلين. فكان القول به باطلا.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : البعد المجرد وهو الفضاء غير قابل للحركة ، والبعد الذي يكون في المادة ، وهو بعد الجسم يكون قابلا للحركة لأجل أن الشرط في كون البعد قابلا للحركة ، كونه في المادة؟ نقول : هذا السؤال باطل. من وجهين الأول : سنقيم الدلالة على أن البعد يمتنع أن يقال : إنه حال في محل ، وأنه صفة لشيء آخر. [والثاني (٥)] وهو أنا نقول : هب أن البعد يعقل كونه حالا في محل ، إلا أنا نقول : ذلك المحل من حيث إنه هو ، إما أن يكون [شاغلا للحيز والجهة (٦)] وإما أن لا يكون كذلك ، بل يكون من الموجودات المجردة عن الوضع والإشارة. والأول باطل لأنه يقتضي أن يكون محل البعد بعدا ، فإن افتقر البعد إلى محل ، فليفتقر ذلك المحل لكونه بعدا إلى محل آخر ، ولزم التسلسل ، وهو محال. وأما الثاني فهو باطل أيضا ، لأن كل موجود يكون مجردا عن الإشارة والحيز والجهة ، فإنه يمتنع عليه الانتقال والحركة. لأن الانتقال والحركة عبارة عن الحصول في حيز ، بعد أن كان حاصلا في حيز آخر ، وهذا إنما يعقل في حق الشيء الذي يصح عليه كونه حاصلا في الحيز والجهة ، أما الشيء الذي يمتنع كونه حاصلا في الحيز والجهة ،
__________________
(١) سقط (س).
(٢) من (س).
(٣) سقط (ط) ، (س).
(٤) من (س).
(٥) سقط (م).
(٦) ممتدا في الجهات ، شاغلا للأحياز (م ، ت).