أو على ارتفاع ما كان شرطا لتأثير العلة ، في جانب المعلول. وذلك الشرط حادث آخر قبله.
وأما النقض العاشر : وهو النقض بالحوادث اليومية. فجوابه : ما تقدم من أن العلة المؤثرة أزلية ، عامة الفيض. إلا أن صدور كل حادث معين عن تلك العلة الأزلية ، مشروط بذلك الحادث الذي كان سابقا عليه. أما قوله : «إن ذلك القديم ما كان علة لهذا المعلول الحادث ، ثم صار علة له ، فهذه العلة صفة حادثة ، فلا بد لها من مؤثر» فنقول : الذي يمكن أن يذكر في دفع هذا السؤال : إن علية الشيء لغيره ، لا يمكن أن يكون وصفا زائدا على ذات العلة. وذات المعلول ، وإلّا فذلك الزائد ، وصف محتاج إلى الغير ، فيكون ممكنا لذاته ، فيفتقر إلى علة ، فتكون علية العلة لتلك العلية زائدة عليها ، ولزم التسلسل. فهذا أقصى ما يمكن أن يقال في دفع هذا السؤال. وقد مضى في باب إثبات واجب الوجوب : ابحاث عميقة في أن كون الشيء علة [لغيره (١)] هل هو وصف زائد على ذات العلة [أم لا (٢)]؟
واعلم : أن هذا العذر (٣) الذي ذكره الفلاسفة في الفرق بين تكوين كل العالم الجسماني ، وبين تكوين الحوادث اليومية. لو صح واستقام ، فإنه لا يمكنهم مع ذلك أن يحتجوا بالحجة التي ذكروها على قدم الأجسام ، وقدم السموات والأرضين. فإن لقائل أن يقول : لما جوزتم أن تلك العلة القديمة يصدع عنها المعلولات المحدثة ، لأجل أن كل حادث مسبوق بحادث [آخر (٤)] وكان حصول الحادث المتقدم ، شرطا لفيضان الحادث المتأخر عن تلك العلة القديمة ، فلم لا يجوز أيضا أن يقال : جملة الأجسام حادثة ، ولها أول ومبدأ ، إلا أنه كان قد وجد في الأزل عقل أو نفس ، وكان ذلك الجوهر المجرد محلا للحوادث
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) سقط (ط)
(٣) القدر (ت)
(٤) من (ط ، س)