منهم من يقول : كل ضرر يصل إلى العبد ، فإنه مسبوق بذنب صدر منه ، وكل ذنب صدر منه ، فإنه مسبوق بتكليف هو أضرار ، وهكذا كل واحد منها قبل الآخر. لا إلى أول.
فقال هؤلاء : بقدم العالم ، وبحوادث لا أول لها.
ومنهم من قال : إنه لا حاجة إلى التزام قدم العالم ، بل نقول : إنه إذا اتفق أن وقعت الأحوال على وجه لا بد فيه من التزام أحد الضررين. فههنا الواجب على العاقل : التزام أخفهما ، ودفع أكملهما. إذا ثبت هذا فنقول : أول ما خلق الله العبد. فإنه أباح له : كل ما أراد واشتهى ، فهذا يقتضي أن يكون مأذونا في قتل غيره ، ونهب ماله إذا اشتهى ذلك. ثم إن ذلك الآخر يفعل في حقه مثل ذلك [وذلك (١)] يفضي إلى حصول المضار العظيمة. فيثبت : أن الحكمة الإلهية تقتضي منع العباد في أول الأمر عن الظلم والبغي والعدوان. فهذا التكليف ، وإن كان اضرار ، إلا أنه لا بد من التزامه دفعا للضرر ، الذي هو أعظم منه.
وإذا ثبت جواز الابتداء بهذا التكليف ، فعند هذا نقول : كل من عصى الإله تعالى. فبه استوجب العقاب. وذلك يحصل بأن ينقله إلى بدن آخر ويعذبه فيه بمقدار ذلك الذنب.
فهذه حكاية [قول (٢)] أهل التناسخ : وهو (٣) أيضا مبني على [جريان (٤)] تحسين العقل وتقبيحه في أفعال الله وفي أحكامه. ومبني أيضا على أن الإنسان شيء غير الجسد ، وأنه موجود قبل حدوث هذا الجسد [والله أعلم (٥)].
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ط).
(٣) فهذا (ت).
(٤) من (ط).
(٥) من (ط).