كل واحد منهما علة للآخر ، لكان كل واحد منهما علة للآخر ، وحينئذ لا يبقى] (١) بين مقدمة هذه الشرطية ، وبين تاليها فرق البتة فيكون كلاما فاسدا ، وأما إن عنيتم بالتقدم مفهوما آخر سوى العلية والمؤثرية ، فلا بد من بيانه ، فإنه غير معقول. فإن قالوا : «التقدم بالعلية له مفهوم مغاير للتقدم الزماني ولنفس العلية» أما أنه مغاير للتقدم بالزمان ، فلأنك حين حركت إصبعك فقد تحرك الخاتم ،. ويمتنع أن تكون حركة الإصبع متقدمة بالزمان على حركة الخاتم ، وإلا لزم تداخل الجسمين ، وهو محال ، فههنا قد حصل التقدم بالعلية ، ولم يحصل التقدم بالزمان ، فقد ظهر التغاير ، وأما بيان أن التقدم بالعلية مفهوم مغاير لنفس العلية.
فنقول : العقل قاطع بأنه ما لم يتم وجود العلة في نفسها ، فإنه يستحيل أن يصدر عنها المعلول. ومعلوم : أن حصول العلة بتمامها أمر مغاير لكونها علة لذلك المعلول ، وهذا يدل على أن التقدم بالعلية أمر مغاير لنفس تلك العلية.
فنقول : في الجواب عن هذا السؤال : لا نزاع في أن حركة الإصبع وحركة الخاتم. ، وجدتا معا ، ولا نزاع في أن العقل يقضي بترتيب أحدهما على الآخر ، إلا أنا نقول : لم لا يجوز أن يكون ذلك الترتيب هو نفس العلية والتأثير؟ فإن العقل حكم بأن حركة [الإصبع مؤثرة في حركة الخاتم ، وأن حركة الخاتم] (٢) حاصلة عن حركة الإصبع ، إلا أن هذا المعنى الذي ذكرناه ليس إلا لنفس العلية والافتقار والتأثير ، وليس هاهنا مفهوم سوى ذلك. فظهر بهذا البيان الذي لخصناه : أنه لا يحصل عند العقل من التقدم بالعلية إلا نفس تلك العلية ، وإذا ثبت هذا ، [فنقول] (٣) قولكم : لو كان كل واحد منهما علة لوجود الآخر ، لكان كل واحد منهما علة للآخر (٤) ، فيصير معناه : لو كان كل
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) من (ز).
(٤) متقدما على الآخر (ز).