وفي كتاب كامل البهائي ـ لعماد الدين الطبري (١) ـ : إنّ بلالاً امتنع عن بيعة أبي بكر والأذان له (٢).
فعلى هذا يكون بلال قد عارض خلافة أبي بكر ، وامتنع من التأذين له مع بقائه بالمدينة ، لعدم إيمانه بشرعية خلافته ، ولأنّه وعمر أرادا منه ما يأباه ، خرج إلى الشام مكرهاً لا ترجيحاً للجهاد على منصبه النبوي في التأذين ، ولاردّة فعل منه تجاه وفاة الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإنّ بلالاً لم يبايع لهما ، وبقي معارضاً للغاصبين في صفّ عليّ وغيره من عيون الصحابة ، وقد أذّن في هذه المدّة لفاطمة ، وكان على اتصال بأهل البيت ، ثمّ إنّهم بعد وفاة فاطمة وإجبار عليّ على البيعة ، ونفي سعد بن عبادة إلى الشام ، وكسرهم سيف الزبير ، ووو .... أجبروا بلالاً على مغادرة المدينة تحت غطاء القتال في جبهات الشام ، وكان قد عاد إلى المدينة لز يارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأذّن للحسن والحسين.
وبهذا ، فإنّ مختلقة تأذينه لعمر (٣) في الجابية بالشام ، قد وضعت للتغطية على
__________________
(١) الذي فرغ من تأليفه سنة ٦٧٥ هـ. ق.
(٢) الأربعين للماحوزي : ٢٥٧ ، نقلاً عن كامل البهائي.
(٣) وضعت روايات مفادها أنّ بلالاً أذّن لعمر في الجابية ، وقد وردت بأربعة طرق :
أوّلها : ما رواه الطبري في تاريخه ٤ : ٦٥ / أحداث سنة ١٧ هـ ، قال : «كتب إلي السري ، عن شعيب ، عن سيف [بن عمر التميمي] ، عن مجالد عن الشعبي». وهذا الإسناد فيه سيف بن عمر الوضاع المتّهم بالزندقة.
ثانيها : ما رواه البيهقي في سننه ١ : ٤١٩ ، وابن عساكر في تاريخه ١٠ : ٤٧١ ، والذهبي في سيره ١ : ٣٥٧ ، وكلها تنتهي إلى «أبي الوليد أحمد بن عبدالرحمن القرشي ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، قال : سألت مالك بن أنس ...». وهذا الإسناد فيه أحمد بن عبدالرحمن القرشي الذي لم يسمع من الوليد بن مسلم قط ، وكان شبه قاصٍّ ، وقالوا عنه : لا تقبل شهادته على تمرتين. ناهيك عن الوليد بن مسلم الذي كان رفّاعاً للحديث كثير الخطأ وروى عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل ، وكان رديء التدليس.