وقد روت العامة
أنّ ذلك مما كان يقال من بعض أيّام النبيّ وإنّما ادُّعي أنّ ذلك نُسِخَ ورُفِعَ ،
وعلى من ادّعى النسخ الدلالة له وما يجدها.
وممّا يضحك
الثكلى أنّ البعض أسرف للغاية ؛ حيث رفض جزئية حيّ على خير العمل ، مدّعياً أنّ
الشيعة هم الذين أوجدوها وحشروها في كتب أهل السنة والجماعة لأنّ بقيّة الفرق
الإسلاميّة لا تقول بذلك ، كما أنَّ صحاحهم ومسانيدهم قد خلت من «حيّ على خير
العمل».
وأمام احتمال
طرح مثل هذه الشبهة ، نقول : إنَّ هذه القضيّة لم تختصّ بالطالبيّين دون غيرهم على
ما ضبطته لنا صفحات تاريخ السنّة والسيرة ، بل أقرّها عدد من الصحابة وعملوا بها ،
ويكفينا أن نذكر هنا اسم ابن عمر فقط لأنّه الصحابي الذي كان مورد اعتماد أهل
السنة والجماعة في فترات متعاقبة من التاريخ ، حتّى أنَّ المنصور العبّاسيّ قد
وجّه مالكاً حين تدوين كتاب «الموطّأ» بقوله : هل أخذت بأحاديث ابن عمر؟
قال : نعم.
قال المنصور : خذ
بقوله وان خالف عليّاً وابن عباس .
وعلى ضوء هذا
الأمر الحكومي يمكننا القول : إنّ الدولة العبّاسيّة قد اعتبرت فقه ابن عمر
معياراً ومقياساً شاخصاً لتدو ين السنّة ، لأنّه لم يكن شخصاً عاديّاً ، بل كانت
شخصيته ذات أبعاد مبطّنة ، وفي هذا المجال رأيناه يضفي على حياته هالة من القدسيّة
في اقتفاء آثار النبيّ ومتابعته.
ويتلخص إشكال
أهل السنة والجماعة في ثلاث نقاط :
إشكالهم
الأوّل : ادّعاء أنَّ مصادرهم الحديثيّة المعتبرة قد خلت من
الروايات
__________________