وأورد السبكي ما ذكره المديني بإسناده إلى حنبل بن اسحاق قال : «جمعنا عمّي ـ يعني الإمام أحمد ـ لي ولصالح ولعبد الله ، وقرأ علينا المسند ، وما سمعه معنا ـ يعني تماماً ـ غيرنا ، وقال لنا : إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فارجعوا إليه ، فإنْ كان فيه وإلّا ليس بحجة».
قال السبكي : «قال أبو موسى : ومن الدليل على أنّ ما أودعه الإمام أحمد رحمهالله مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً ، لم يورد فيه إلّا ما صحَّ عنده : ما أخبرنا به أبو علي الحداد ، قال : أنا أبو نعيم وأنا ابن الحصين وأنا ابن المذهّب ، قال : أنا القطيعي ، حدثنا عبد الله ، قال : حدّثني أبي ، حدثنا محمّد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي التياح ، قال : سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنه قال : يهلك أمتي هذا الحي من قريش. قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : لو أنّ الناس اعتزلوهم. قال عبد الله : قال أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ، فإنه خلاف الأحاديث عن النبي. يعني قوله : اسمعوا وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذّ لفظه مع الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه. فكان دليلاً على ما قلناه» (١).
وقال شاه ولي الله الدهلوي بعد ذكر طبقةٍ من الكتب : «وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة ، فإنّ الإمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال : ما ليس فيه فلا تقبلوه» (٢).
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ٣١ ـ ٣٣.
(٢) حجة الله البالغة : ١٣٤.