وكذلك القول في
القرآن إنّه إذا أنزله الملك ، وأوصله ـ عند ادّعاء الرّسول النّبوّة ـ
إليه ، حتّى ظهر ؛ فلا بدّ من أن يكون فيه نقض عادة (على أحد الوجهين اللّذين ذكرناهما.
وعلى هذا الوجه
قال شيوخنا : إنّ نزول الملك على الرّسول معجز لذلك الملك الّذي هو رسول إليه عن
الله تعالى ؛ وإن كان النزول من فعله لما كان عندهم يتضمّن من نقض العادة.
وما ذكرناه ، فإن
اتّفق مع ذلك أن ينزل على خلاف صورته فقد انضاف إليه معجز آخر ؛ لأنّ العادة لم
تجر بمثله .
وعلى هذا الوجه
تعدّ مشاهدته صلىاللهعليهوآله لجبرئيل عليهالسلام نقض عادة ؛ لأنّها لم تجر بذلك ، وكلّ ذلك يصحّح (ما ذكرناه من قبل)
.
وإنّما يجب في
المعجز أن يكون في حكم الواقع من قبله تعالى ، حتّى يصحّ أن يكون
بمنزلة التّصديق ؛ وقد يكون كذلك بأن يحدث وبأن يعلّق بأمر حادث من قبله ، على بعض الوجوه.
ولو أنّ الواحد
منّا قال لزيد : أنا رسول عمرو إليك ، فطالبه بالدّلالة ، لكان إذا أقبل على عمرو فقال : إن كنت رسولك فصدّقني (أو حرّك يدك) على رأسك ، أو قل لعبيدك وأولادك ـ الّذين تعلم من حالهم
أنّهم يصدرون فيما يفعلون عن رأيك ، ولا يخالفونك ـ أن يصدّقوني فيما ادّعيت ،
فوقوع ذلك منهم ، والحال ما ذكرناه ، كوقوع التّصديق من قبله ، فكذلك القول فيه
تعالى».
__________________