قلنا : لا بدّ من علم بأنهم رسله وولاته. والطريق الى ذلك هو غير أخبارهم (١) نفوسهم.
ومعلوم أن العادة جارية بأن الملك العظيم إذا ندب أميرا أو واليا لبعض الأمصار ، وكتب عهده على ذلك المصر ، وأمره بالتأهب للخروج وأطلق له النفقات ، فان خبر ولايته يذيع ويتصل بأهل ذلك المصر على ترتيب وتدريج فينتقل إليهم أولا عزيمة الملك على توليته، وظهور أسباب ذلك وترادف الشفاعات فيه ان كان فيه شافع ، ثم الخطاب له على الولاية ، وتقرير أمره فيها وتأهبه لها على ذلك ، الى أن يقع منه الخروج ، وهو لا يصل الى تلك البلدة إلا بعد أن علم أهلها بالاخبار المترادفة بولايته ، وانتظروا قدومه ، واستعدوا للقائه ، وهذا أمر معلوم بالعادة ضرورة.
وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآله أعلى قدرا وأجل خطرا من كل من وصفنا حاله من الملوك والاهتمام بولاياته ، وولايته (٢) أشد وأقوى من الاهتمام بولاية غيره ، فلا بد من أن يكون انتشار أمر ولاته وشياع ذكرهم قبل نفوذهم ، أو يخص بسياسة. وكيف يخفى هذا على من عرف العادة ورأى ما تقتضي به في أمثال هذه الأمور.
وهذه الجملة التي ذكرناها في أثنائها الجواب عما اشتمل عليه هذا الفصل ثم نشير الى ما يحرز (٣) الإشارة اليه.
أما ما انتهى به الفصل من القول بأن حال النبي صلىاللهعليهوآله فيمن يوليه وينفذه الى البلاد كحال غيره فيمن يولي الولاة وينفذ الأمراء.
فغير صحيح ، لان ولاة غير النبي صلىاللهعليهوآله وأمراءه انما يقومون
__________________
(١) ظ : أخبار نفوسهم.
(٢) ظ : وولاته.
(٣) ظ : ما يجدر.