قلنا : هذا قد روي في أخبار الآحاد وليس بمقطوع عليه ، وانما أنكرنا القطع. ونحن مجوزون ـ كما ذكرنا ـ أن يكون عليهالسلام كان يحسن الكتابة ، كما يجوز أن لا يكون يحسنها.
فان قيل : أليس الله تعالى يقول (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ)(١).
قلنا : ان هذه الآية انما تدل على أنه عليهالسلام ما يحسن الكتابة قبل النبوة والى هذا يذهب أصحابنا ، فإنهم يعتمدون أنه عليهالسلام ما كان يحسنها قبل البعثة ، وأنه تعلمها من جبرئيل بعد النبوة ، وظاهر الآية تقتضي ذلك ، لان النفي تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها.
ولان التعليل أيضا يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة ، ولان المبطلين والمشككين انما يرتابون في نبوته عليهالسلام لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة وأما بعد النبوة فلا تعلق له بالريبة والتهمة.
فإن قيل : من أين يعلم أنه عليهالسلام ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة ، وإذا كان عندكم أنه قد أحسنها بعد النبوة ، ولعل (٢) هذا العلم كان متقدما.
فان قلت (٣) : فلم نعلم أنه عليهالسلام ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة بهذه الآية.
قيل لكم : هذه الآية انما تكون حجة وموجبة للعلم إذا صحت النبوة ، فكيف يجعل نفي الآية دلالة على النبوة وهو مبني عليها؟
قلنا : الذي يجب أن يعتمد عليه في أنه عليهالسلام لا يحسن الكتابة والقراءة
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٨.
(٢) في «ن» : فلعل.
(٣) في «ن» : قلتم نعلم.