فلو كانت الإرادة
المشار إليها في الآية إرادة تشريعية لما كان للتخصيص والحصر وجه مع أنّا نجد فيها
تخصيصاً بوجوه خمسة :
أ : بدأ قوله
سبحانه بحرف (إِنَّما) المفيدة للحصر.
ب : قدّم الظرف (عَنْكُمُ) وقال : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ) ولم يقل ليذهب الرجس عنكم لأجل التخصيص.
ج : بيّن من
تعلّقت إرادته بتطهيرهم بصيغة الاختصاص ، وقال : (أَهْلَ الْبَيْتِ) أي أخصّكم.
د : أكد المطلوب
بتكرير الفعل ، وقال : (وَيُطَهِّرَكُمْ) تأكيداً (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ).
ه : أرفقه
بالمفعول المطلق ، وقال : (تَطْهِيراً).
كلّ ذلك يؤكد أنّ
الإرادة التي تعلّقت بتطهير أهل البيت غير الإرادة التي تعلّقت بعامة المكلّفين.
ونرى مثل هذا
التخصيص في مريم البتول قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ
اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ).
الثاني : المراد
من الرجس كل قذارة باطنية ونفسية ، كالشرك ، والنفاق ، وفقد الإيمان ، ومساوئ
الأخلاق ، والصفات السيئة ، والأفعال القبيحة التي يجمعها الكفر والنفاق والعصيان
، فالرجس بهذا المعنى أذهبه الله عن أهل البيت ، ولا شكّ انّ المنزّه عن الرجس
بهذا المعنى يكون معصوماً من الذنب بإرادة منه سبحانه ، كيف وقد ربّاهم الله
سبحانه وجعلهم هداة للأُمة كما بعث أنبياءه ورسله لتلك الغاية.
__________________