عالماً بالخلاف وكاذباً في الإخبار؟ فعدم جواز التحيّل في هذه المسألة ، لأجل انّ السبب حلالاً كان أو حراماً غير مؤثر فيه.
ومن هذا الباب ما حكي عن أبي حنيفة : إذا غصب الرجل دابة الغير وانتفع بها ، لا يضمن أُجرة ما انتفع به ، مستدلاً بأنّه إذا خالف بالغصب صار ضامناً ويكون الخراج ومنافع العين في مقابل الضمان تمسّكاً بقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «الخراج بالضمان».
فإنّ التوصّل بهذه الوسيلة لغاية تملّك منافع الدابة مجاناً ، توصل بسبب حرام لا حلال ، فإنّ قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «الخراج بالضمان» ناظر إلى الضمان بسبب صحيح ، كما إذا استأجر الدابة في مقابل أُجرة معيّنة فيملك المنافع ، لا في مثل المقام الّذي يوصف عمله بالغصب وشخصه غاصباً ، وقد ورد تفصيل ذلك في بعض رواياتنا.
إنّ أبا ولّاد الحنّاط اكترى بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا ، ثمّ خالف الإجارة لسبب من الأسباب ، فلمّا رجع إلى الكوفة ، أخبر صاحب البغل بعذره وأنّه مكان أن يذهب إلى قصر ابن هبيرة ذهب إلى مكان آخر ولذلك طال سفره.
يقول أبو ولّاد الحناط : فبذلت لصاحب البغل خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل ، فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة ، وأخبره الرجل ، فقال لي : ما صنعت بالبغل؟ فقلت : قد دفعته إليه سليماً ، قال : نعم ، بعد خمسة عشر يوماً ، قال : فما تريد من الرجل؟ فقال : أُريد كراء بغلي ، فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوماً ، فقال : ما أرى لك حقّاً ، لأنّه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة ، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل ، وسقط الكراء ، فلمّا ردّ البغل سليماً وقبضته ، لم يلزمه الكراء.
قال : فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته ممّا أفتى به