قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

غاية المرام وحجّة الخصام [ ج ٤ ]

188/404
*

الشَّجَرَةَ) ـ يعني شجرة الحنطة ـ (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا : يا ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله : ارفعا رءوسكما إلى ساق عرشي ، فرفعا رءوسهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبّار جل جلاله فقالا : يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك! وما أحبهم إليك! وما أشرفهم لديك فقال الله جل جلاله لو لا هم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة علمي وأمنائي على سرّي ، اياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلّهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين ، قالا : ربنا ومن الظالمون ، قال : المدّعون منزلتهم بغير حق قالا : ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من أنواع النكال والعذاب ، وقال عزوجل : مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها ، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ، وكلّما نضجت جلودهم بدّلوا سواها ليذوقوا العذاب.

يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري وأحلّ بكما هواني ، فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما ، وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ، وحملهما على تمنّي منزلتهم ، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا ، فأصل الحنطة مما لم يأكلاه ، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه ، فلمّا أكلا من الشجرة طار الحليّ والحلل على أجسادهما وبقيا عريانين ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدو مبين قالا : ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، قال : اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني ، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش ، فلمّا أراد الله عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل فقال لهما : إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه ، فسلا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا : اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلّا تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم ، فلم يزل الأنبياء بعد ذلك يحفظون