وحيث إنّ جوهر الحياة الإنسانية يكمنُ في حفظ الكرامة والعزّة ، لهذا منَعَ الإسلامُ من أيّ عمل يضرَّ بهذه الموهبة ، وبعبارة أكثر وضوحاً ؛ إن أيّ نوع من التسلّط على الآخرين وكذا قبول السلطة من الآخرين ممنوعٌ من وجهة نظر الإسلام منعاً باتاً ، فلا بدّ أن يعيش المرء حُرّاً كريماً بعيداً عن أي شكلٍ من أشكال الصغار والذل.
قال الإمامُ أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : «ولا تكُنْ عَبْدَ غيرِك وقدْ جَعَلك الله حُرّاً» (١).
كما قال أيضاً : «إنّ الله تبارَك وتعالى فَوَّض إلى المؤمن كلَّ شيء إلّا إِذلالَ نفسهِ» (٢).
ومن الواضح جداً انّ الحكومات الإلهيّة المشروعة لا تنافي هذا الأصل كما سيأتي توضيحه مستقبلاً.
الأصلُ الرابعُ والعشرون : رؤية الإسلام للعقل الإنساني
إنّ للعقل الإنساني مكانةً خاصةً في رؤية الإسلام ونظره ، وذلك لأنّ ما يميّز الإنسان عن سائر الأحياء بل ويجعله مفضّلاً عليها هو عقله ومدى قوته التفكيرية.
من هنا دُعِيَ البشر ـ في آيات عديدة من القرآن الكريم ـ إلى التفكّر
__________________
(١). نهج البلاغة ، قسم الكتب ، الكتاب رقم ٣٨.
(٢). وسائل الشيعة : ١١ / ٤٢٤ (كتاب الأمر بالمعروف الباب ١٢ ، الحديث ٤).