فقالت ـ قول الثابت الجَنان ، المتدرّع بدلاص (١) اليقين والإيمان ، المسـتحقر له ولكلّ ما له من قوّة وسـلطان ـ : ما رأيت إلّا جميلاً ، أُولئك قوم كـتب الله عليهم القتل فبرزوا إلىٰ مضاجعهم ، وسـيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاجّ وتخاصم فانظر لمن الفلج (٢) ؟ ! ثكلتك أُمّك يا بن مرجانة !
فلمّا لطمته بهذه اللطمة السـوداء لم يجد سـبيلاً للتشـفّي منها والانتقام إلّا بأسـوأ الكلام من السـباب والشـتيمة ، فقال : الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم ، وأكذب أُحدوثتكم .
فقالت ـ غير طائشـة ولا مذعورة ـ : إنّما يفتضح الفاسـق ويكـذب الفاجر ، وهو غيرنا .
وقف الحسـين وأنصاره ظهيرة عاشـوراء وهم علىٰ خيولهم الجياد ، وفي أيمانهم البيض الحداد (٣) ، وعلىٰ متونهم السـمر الصِّعاد (٤) ، قد رفلوا بأبراد العزّ ، وتكلّلوا بتيجان الشـرف ، لا يُقتل منهم واحد حتّىٰ يَقتلوا ألفاً من عدوّهم (٥) ، وهم ضاحكون مسـتبشـرون ، ثقة بما يصيرون إليه بَعدُ من
__________________
(١) الـدِّلاص من الدروع : اللـيّنة ، ودرعٌ دِلاص : برّاقة ملساء ليّنة بيّنة الـدَّلَصِ ، والجمع : دُلُصٌ .
ٱنظر : لسان العرب ٤ / ٣٨٨ مادّة « دلص » .
(٢) الـفَـلْـجُ : الـظَّـفَـرُ والفوز ، وقد فَلَجَ الرجلُ علىٰ خصمه يفلجُ فلجاً .
ٱنظر : لسان العرب ١٠ / ٣١٤ مادّة « فلج » .
(٣) البيض الحِداد : السيوف الحداد القاطعة التي شُحذت ومُسحت بحجر أو مبرد .
ٱنظر : لسان العرب ١ / ٥٥٥ مادّة « بيض » وج ٣ / ٨٠ مادّة « حدد » .
(٤) الصعدَةُ : القناة ، وقيل : القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلىٰ التثقيف ، والجمع : صِعاد ، وقيل : هي نحوٌ من الألّةِ ، والألَّةُ أصغَرُ من الحربـة .
ٱنظر : لسان العرب ٧ / ٣٤٤ مادّة « صعد » .
(٥) جهة الالتئام دقيقة مع ما سـبق في صحيفة ٣٤٩ : « وقف سـبعون رجلاً في مقابل سـبعين ألفاً » ، بالمبالغة هنا والحقيقة هناك . منـه قدسسره .