بالمعبود الحق أن بعبد معه غيره ، والإشراك بعبادته الحقة بأن تعبد بغير شرعه. وكثيرا ما يجتمع الشركان ، فيعبد المشرك معه غيره بعبادة ، لم يشرع سبحانه أن يتعبد له بها ، وقد ينفرد أحد المشركين ، فيشرك به غيره في نفس العبادة التي شرعها ، أو يعبده وحده بعبادة شركية ، لم يشرعها ، أو يتوسل إلى عبادته بتحريم ما أحلّه ، وقد ذم الله سبحانه المشركين على هذين النوعين في كتابه في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ، يذكر فيهما ذمّهم على ما حرموه من المطاعم والملابس ، وذمهم على ما أشركوا به من عبادة غيره ، أو على ما ابتدعوه من عبادته لما لم يشرعه.
وفي المسند : أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة. فهي حنيفية في التوحيد وعدم الشرك ، سمحة في العمل وعدم الآصار والإغلال بتحريمهم من الطيبات الحلال ، فيعبد سبحانه بما أحبه ، ويستعان على عبادته بما أحلّه قال تعالى : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً (٥١)) [المؤمنون] وهذا هو الذي فطر الله عليه خلقه ، وهو محبوب لكلّ أحد ، مستقرّ سنته في كل فطرة ، فإنه يتضمن التوحيد وإخلاص القصد والحب لله وحده وعبادته وحده بما يحب أن يعبد به ، والأمر بالمعروف الذي تحبه القلوب والنهي عن المنكر الذي تبغضه وتنفر منه ، ويحلل الطيبات النافعة وتحريم الخبائث الضارة.
فصل
وهذا أخبر به النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أنّ كلّ مولود يولد على الفطرة الحنيفية هو الذي تقوم الأدلة العقلية على صحته ، وأنه كما أخبر به الصادق المصدوق ،