وأما قوله : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (٢٦٩)) [البقرة] فهذا يتناول النوعين ، فإنه يؤتيها من يشاء أمرا ودينا وتوفيقا وإلهاما.
فصل
وأنبياؤه ورسله وأتباعهم ، حظّهم من هذه الأمور الدينيّ منها ، وأعداؤه واقفون مع القدر الكوني ، فحيث ما مال القدر مالوا معه ، فدينهم دين القدر ، ودين الرّسل وأتباعهم دين الأمر ، فهم يدينون بأمره ، ويؤمنون بقدره ، وخصماء الله يعصون أمره ويحتجون بقدره ، لا يقولون : نحن واقفون مع مراد الله ، نعم مع مراده الدينيّ أو الكونيّ ، ولا ينفعكم وقوفكم مع المراد الكوني ولا يكون ذلكم عذرا لكم عنده ، إذ لو عذر بذلك ، لم يذم أحدا من خلقه ، ولم يعاقبه ، ولم يكن في خلقه عاص ولا كافر ، ومن زعم ذلك ، فقد كفر بالله وكتبه كلها وجميع رسله. وبالله التوفيق.