عن بناء القلب على الفعل أو الترك ، وما دام لم يحصل البناء فكأنّما أجزاء القلب متشتّتة ، تذهب تارة جانب الفعل واخرى جانب الترك ، وإذا حصل البناء يجتمع أجزاء القلب وتصير مستحكمة وواقفة على جانب واحد.
وكذلك البيعة عبارة عن بناء القلب على مساعدة الغير ، فما دام لم يحصل البناء فكأنّما أجزاء القلب متشتّتة دائرة بين المساعدة وعدمها ، وإذا حصل البناء اجتمع أجزاء القلب وصارت مستحكمة واقفة على جانب المساعدة ، فنقض العهد والبيعة عبارة عن جعل أجراء القلب متشتّتة كالأوّل ودائرة بين الفعل والترك أو المساعدة وعدمها.
ومن قبيل ما ليس له أجزاء محسوسة ، ولكن يناسب استعارة مادّة النقض فيه وصف اليقين ؛ فإنّه ما دام لم يحصل هذا الوصف فكأنّما أجزاء القلب متشتّتة تذهب تارة إلى جانب الوجود والوقوع ، واخرى إلى العدم واللاوقوع ، فإذا حصل هذا الوصف اجتمعت الأجزاء وصارت مستحكمة وواقفة في جانب واحد ، فنقض اليقين عبارة عن جعل أجزاء القلب شتاتا كالأوّل.
وحينئذ نقول : بعد مناسبة هذه المادّة مع وصف اليقين لا داعي إلى صرف لفظ اليقين عن ظاهره وحمله على إرادة المتيقّن حتّى يحصل الإشكال من جهة أنّ المتيقّنات مختلفة، ففي بعضها شبيه الهيئة الاتّصاليّة الدواميّة موجود وفي بعضها مفقود فنختار اختصاص الرواية من باب الإلجاء ، بل يحمل على ظاهره من نفس اليقين ويراد به الأعمّ ممّا إذا كان للمتيقّن مقتضى البقاء ، وما إذا لم يكن ؛ إذ لا فرق في المناسبة بين الصورتين.
فإن قلت : إذا كان للمتيقّن مقتضى البقاء كانت هذه المادّة مناسبة ، وأمّا إذا لم يكن له المقتضي للبقاء فلا مناسبة ، ألا ترى أنّه لو كان للعهد أجل محدود فبعد انقضاء الأجل لا يناسب إطلاق نقض العهد؟ فكذلك بعد انقضاء المقتضى للبقاء لا يناسب إطلاق اليقين ، فيلزم اختصاص الرواية على هذا أيضا بالشكّ في الرافع.
قلت : إن أردت أنّ مادّة النقض غير مناسبة مع انقضاء المقتضي فلا إشكال في