بالآثار التى يكون وجودها مخالفا للمنّة ، ولا يجرى في الآثار التى يكون وجودها موافقا للمنّة أو غير مخالف ولا موافق لها ، فإنّ القاعدة تكون في مقام المنّة ، ولا منّة في رفع ما سوى الطائفة الاولى من الآثار.
وحينئذ فنقول : الحكم الثابت للعقد الضررى بأدلّة لزوم الوفاء بالعقود هو اللزوم المطلق الشامل لصورتي بذل ما به التفاوت وعدم البذل ، فيستفاد من هذه الأدلّة شيئان : أصل اللزوم وإطلاقه ، ولا إشكال في أنّ ثبوت أصل اللزوم في العقد الضررى ليس فيه خلاف منّة بأن يكون لازما في خصوص صورة البذل.
نعم ثبوت اللزوم فيه على وجه الإطلاق سواء بذل أم لم يبذل يكون على خلاف المنّة، فبناء على الاحتمال المذكور تختصّ القاعدة بنفى هذا الأثر أعنى الإطلاق دون أصل اللزوم ، فتكون دلالة الأدلّة بالنسبة إلى أصل اللزوم سليمة عن حكومة القاعدة ، فبناء على هذا الاحتمال أيضا لا تفيد القاعدة ثبوت الخيار المطلق للمغبون كما ذكره العلماء ، فالاحتمال المذكور مضافا إلى بعده في نفسه كما عرفت في المقام الأول لا يظهر بينه وبين الاحتمال الآخر ثمرة.
فإن قلت : يلزم على ما ذكرت من المعنى تخصيص الأكثر ، فإنّ الواجبات والمحرّمات في الدين لا ينفكّ في الغالب عن الحرج والكلفة ، مثلا فعل الوضوء والغسل والصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس شاقّ في الجملة ، نعم لا يلزم ذلك في قاعدة الضرر ، فإنّ المشتمل على الضرر النفسي أو المالي من الأحكام كالحج والزكاة والخمس والجهاد قليل.
قلت : قد يقال في دفع ذلك بأنّ العمل الصعب إذا كان ذا منفعة لا يعدّ في العرف صعبا ، بل يكون سهلا بلحاظ غايته ، مثلا المتصدّي للأعمال السوقيّة إذا رجع في آخر النهار وقد اكتسب عشرة توامين يكون فيه من الفرح ما لا يوصف وإن كان أعماله في غاية الصعوبة ، وكذلك المتصدّي للجهاد يكون عليه إعمال آلات الحرب في المعركة بملاحظة النعيم الاخروي الموعود به من القصور ووصل الحور في غاية السهولة والراحة.