الإنائين المشكوكين وأخبر العادل بطهارة أحدهما فمدلول قوله والمخبر به لإخباره إنّما هو طهارة هذا الأحد لا غير ، لكنّ المقدار الحاصل من الكشف عن طهارة هذا الأحد من قوله تحصّل هذا المقدار بعينه بلا زيادة ونقيصة بالنسبة إلى طهارة الآخر ، فيندرج تحت دليل «صدّق» وإن كان العادل لم ير الملازمة أو قطع بالنجاسة.
وكذا الحال في ما إذا كان الأثر في طول ما أخبر به العادل ، كما لو أخبر بأنّ المنار الموجود في بلاد الإفرنج ستّة عشر ذرعا ، وكان بين كون المنار المذكور بهذا القدر وبين وجوب صلاة ركعتين ملازمة فإنّه كما يحصل الكشف بالنسبة إلى مقدار المنار يحصل بعينه بالنسبة إلى وجوب الركعتين ، وحينئذ لا يلزم تعلّق خطاب «صدّق» أوّلا باللازم بلا واسطة وهو المقدار الخاص للمنار ثمّ تعلّقه بالأثر ، بل يكون متعلّقا من الأوّل بلحاظ الأثر، يعني هذا الكشف الحاصل من إخبار العادل يجب الأخذ به وإلغاء احتمال خلافه الملازم لكذب العادل.
والحاصل : حيث ما دار وقوع الحكم وعدم وقوعه مدار صدق العادل وكذبه وجب البناء على صدقه وإلغاء احتمال الكذب ، ولو كان معنى «صدّق العادل» هو البناء على مقول قوله لما كان فرق بين الأمارة والأصل ، فليس الموضوع لوجوب التصديق خبر العدل ، بل ما انكشف بسبب ملاحظة الملازمة بين خبره ومطابقته للواقع.
وحينئذ نقول في ما نحن فيه : بين قول الصفّار ومطابقة مقوله للواقع ملازمة ظنيّة ، وكذا الصدوق ، فيحصل الكشف الظنّي من قول الصدوق باخبار الصفّار ، ومنه يحصل الكشف الظنّي بوجود تكليف «صلّ الجمعة» فيتحقّق هنا كشف في نفس الإنسان لحكم وجوب الجمعة من جهة الاعتماد على صدق العادل ، بحيث لا يمكن الخلاف إلّا مع كذب عادل واحد لا محالة ، فإذا علمنا من الشارع أنّه أراد إلغاء هذا الاحتمال في حقّ العادل كان معناه وجوب الجمعة ، فلو كان بالفرض حجيّة قول العادل دائرا مدار الظنّ الفعلي لكان يصدق أنّ الظّن الفعلي حصل بصلاة الجمعة من قول العادل ، إذ لا إشكال في أنّ قول العادل في حدّ نفسه مع قطع النظر عن حكم