في العليّة الخاصّة بأن يكون هنا وصفان ، ولكن نقول بثبوت الظهور الأوّل عند رفع اليد عن الثاني وفي طوله ، وبعبارة اخرى : وإن سلّمنا عدم ثبوت الظهور في مطلق العليّة من باب الحقيقة ، ولكن نقول به من باب أقرب المجازات عند تعذّر المعنى الحقيقي ، نظير ظهور صيغة الأمر بالنسبة إلى الاستحباب عند تعذّر الوجوب.
مدفوعة بأنّه لا يخفى على من راجع الأمثلة العرفيّة من قبيل قولنا : إذا رأيت زيدا فاقرأه منّي السلام ونحوه أنّ دعوى انفهام العليّة بالنسبة إلى سنخ الحكم منها بعيدة ، بل إمّا يكون هذا المعنى في الظهور والانفهام العرفي مساويا مع مجرّد تحقيق الموضوع بدون نظر إلى العليّة ، وإمّا أنّ الثاني أظهر ، ولا يبعد القول بأنّ المتفاهم لدى العرف من هذه الأمثلة هو سوق الشرط لمجرّد تحقيق الموضوع ، فهي متّحدة المفاد مع القضيّة الحمليّة ، وليس الملحوظ فيها اشتراط شيء بشيء وإناطته به على وجه العليّة المنحصرة ، هذا هو الكلام في مفهوم الشرط.
وأمّا مفهوم الوصف فالجواب أنّه تقرّر في محلّه عدم ثبوت المفهوم للوصف ، وأمّا المناسبة العرفيّة وقضيّة فهم العليّة من ذلك ، فلا يخفى أنّ الاستشكال على أصل فهم المناسبة بأنّه يحتمل أن يكون النكتة لإتيان الوصف هو التنبيه على فسق وليد لا لأجل دخالته وعليّته في حكم وجوب التبيّن ، خروج عن طريق السداد وبعيد عن الإنصاف ، لكمال الظهور للآية في كونها مسوقة لبيان الحكم الكلّي ، لا أن يكون الغرض من التعليق بيان نكتة شخصيّة ، هذا.
ولكن يرد على هذا الاستدلال أنّه وإن كان مناسبة الوصف في الآية وهو الفسق للحكم المقترن به فيها وهو وجوب التبيّن مسلّمة ، إلّا أنّه من القريب أن يكون وجه تعليق الحكم بوجوب التبيّن على مجيء الفاسق بالنبإ هو أنّ الغالب عدم حصول العلم من إخبار الفاسق بملاحظة فسقه وعدم تحرّزه عن الكذب ، بخلاف العادل ؛ فإنّ الغالب حصول العلم من خبره بملاحظة قيام ملكة العدالة المانعة عن ارتكاب تعمّد الكذب به ، مع كون خبره في المحسوسات ، والاشتباه فيها قليل ، مثل احتمال خروج