المحكم حتّى يحتاج إلى إثبات المحكميّة ، وإنّما ورد النهي عن العمل بالمتشابه ، فجواز العمل بعد إجمال المتشابه ليس له حالة منتظرة.
ثمّ إنّك بعد ما عرفت فساد ما تمسّك به لعدم جواز التمسّك بظاهر الكتاب فلا حاجة إلى إقامة الدليل على جوازه في خصوص هذا الظاهر بعد إقامته على الجواز في مطلق الظواهر.
وما تمسّك به للجواز أيضا لا يخلو أكثره عن الخدشة ؛ فإنّ منها خبر الثقلين ، ويمكن الخدشة فيه بأن غاية ما يستفاد منه جواز التمسّك بالكتاب ، وأمّا كيفيّة التمسّك فلا تعرّض لها فيه ، فلعلّ المراد التمسّك بنصوصه وإن كانت قليلة ، دون ظواهره.
ومنها قوله عليهالسلام في بعض الروايات : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله» وظاهره توبيخ السائل على سؤاله مع إمكان الرجوع إلى الكتاب ، ولو كان المقصود الرجوع إلى الظواهر لما كان وجه للتوبيخ ، فإنّ العمل بالظواهر شرطه الفحص عن القرينة على خلافها ، ولم يكن له طريق غير السؤال عن الإمام عليهالسلام ، فلم يكن السؤال عنه مع وجود ظاهر القرآن في البين للفحص عن بقائه بحاله أو ورود تجوّز أو تقييد عليه موردا للملامة والتوبيخ ، فلا بدّ أن يكون كلام الإمام عليهالسلام محمولا على وجوه أخر لا نعلمها.
ومنها الأخبار الدالّة على عرض الأخبار المتعارضة على كتاب الله والعمل بما وافقه والطرح لما خالفه ، وهذا أيضا قابل للخدشة ؛ فإنّ ما يستفاد من هذه الأخبار كون ظواهر الكتاب صالحة للمرجحيّة للخبرين المتعارضين ، ولا ملازمة بين المرجحيّة وبين المرجعيّة والحجيّة ، فيمكن كون الشيء مرجّحا مع عدم كونه مرجعا وحجّة كما يقوله الشيخ في الظنون المطلقة ، حيث جعلها مرجّحة للخبرين المتعارضين مع عدم جعله إيّاها حجّة مستقلّة.
هذا ولكنّ الإنصاف وجود ما يصلح للدليليّة فيما بين هذه الأخبار على صحة الرجوع في الأحكام إلى الآيات ولو مثل الأمر بالتدبّر في القرآن الواقع في الأخبار ؛ فإنّه سليم عن الخدشة.