بالوجدان ولا بالتنزيل كما هو المفروض ، والعلم الذي هو محرز ليس بجزء.
ثمّ على تقدير تماميّة ما ذكر فمن الواضح عدم اختصاصه بما إذا كان القطع الموضوعي مأخوذا على وجه الطريقيّة ، بل يعمّ ما إذا كان على وجه الصفتية ، فيلزم قيام الأمارة مقام القسم الثاني أيضا بهذا البيان كما هو واضح.
ثمّ إنّه قدسسره بعد ما جوّز قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض لم يجوّز قيام الاصول غير الاستصحاب مقامه معلّلا بأنّ قيام المقام ليس إلّا ترتيب ما للواقع من الآثار والأحكام، والاصول ليست إلّا وظائف مقرّرة في حقّ الجاهل.
وفيه أنّ كونها وظائف مقرّرة في حقّ الجاهل في مقام العمل لا يضرّ بقيامها في حقّه مقام العلم بمعنى ترتيب آثار الواقع على مؤدّاها ، فقاعدة الطهارة قائمة مقام العلم بمعنى أنّه يحكم بسببها بجميع آثار موضوع الطاهر كما لو علم بهذا الموضوع ، وهذا أيضا هو الموجود في الأمارة ؛ فإنّها أيضا لا تفيد أزيد من ترتيب الآثار ، فالأمارة على كلّ موضوع تقوم مقام العلم بهذا الموضوع في ترتيب جميع آثاره ، وأصل الطهارة أيضا يقوم مقام العلم بها في ترتيب جميع آثار الطهارة.
وكذا الكلام في قاعدة الفراغ ؛ فإنّها تقوم مقام القطع بالصحّة ، فكما يرتّب على هذا القطع عدم وجوب الإعادة ، فكذا يحكم به بهذا الأصل أيضا ، وهكذا سائر الاصول الشرعيّة.
نعم لا معنى لقيام الأصل العقلي وهو الاحتياط والبراءة مقامه ، ووجهه أنّ الاحتياط ليس إلّا عبارة عن نفس حكم العقل بتنجّز التكليف وكونه ثابتا في رقبة المكلّف وكونه معاقبا بالمخالفة لو كان التكليف موجودا واقعا ، والبراءة ليست إلّا عبارة عن حكم العقل برفع التنجيز واستحقاق العقوبة على تقدير ثبوت التكليف ، ومن المعلوم أنّ العلم إن كان بوجود التكليف فهو موجب للحكم بالتنجّز واستحقاق العقوبة بالمخالفة ، لا أنّ مؤدّاه نفس هذا الحكم ، وإن كان بعدمه فهو موجب لرفع التنجّز والاستحقاق لا أنّ نفس مؤدّاه ذلك.
وبالجملة ، لو كان الاحتياط مؤدّيا إلى شيء يكون من آثاره التنجيز ، وكانت