كالإنسان الكلّيّ ، والثالث : تأويله وإلّا عارض النقل العقل (١) ، فإن عمل بهما فهو محال أو بالنقل قدح في نفسه.
أقول :
احتجّ القائلون بأنّه تعالى جسم بالمعقول والمنقول (٢) ؛ أمّا المعقول فمن وجهين :
الأوّل : أنّ الله تعالى يعلم الطول والعرض والعمق قبل وجودها ، والعلم نسبة لا بدّ في ثبوته من ثبوت المنتسبين ، وإذ ليس الثبوت (٣) خارجيّا فيكون في العالم وكلّ من حلّ فيه الطول والعرض والعمق فهو جسم ، فيكون الله تعالى جسما.
الثاني : أنّ الفطرة الإنسانيّة لا تعقل وجودا مجرّدا ليس في جهة ولا في مكان (٤) بل تجزم بنفيه.
وأمّا المنقول فظاهر من القرآن.
والجواب عن الأوّل : أنّ العلم لا يفتقر إلى الصور (٥) وإن سلّمنا افتقاره إلّا أنّه يستحيل أن يكون كذلك في حقّ واجب الوجود.
وعن الثاني أن نمنع أنّ ذلك النفي من حكم العقل ، بل من حكم الوهم ، وكيف لا يكون كذلك ، والعقل قد أخرج من المحسوس ما ليس بمحسوس ، وهي المعاني الكلّيّة المعقولة المستخرجة من الامور الشخصيّة ، وهذا أعجب من ذلك.
وأمّا النقل فالجواب عنه التأويل ، لأنّا قد بيّنّا بالدليل العقليّ امتناع كونه جسما ،
__________________
(١) في «ف» : (الفعل).
(٢) (والمنقول) ليست في «ف».
(٣) في «ج» «ر» «ف» : (ثبوته).
(٤) في «ف» : (إمكان).
(٥) في «ر» «ف» : (الصورة).