فلا يكون مرئيّا ، والصغرى ضروريّة ، والكبرى مبرهنة (١).
قال :
ولأنّه لو صحّ لرأيناه الآن إذ الشرط فيه صحّة الرؤية وسلامة الحاسّة (٢).
أقول :
هذا هو الوجه الثاني الدالّ على امتناع رؤيته تعالى ، وتقريره يستدعي بيان مقدّمتين :
إحداهما : أنّ شرائط الرؤية اثنا عشر : سلامة الحاسّة ، وكون المبصر يصحّ رؤيته ، وكونه كثيفا ومقابلا أو في حكم المقابل ، وأن لا يكون في غاية الصغر ، ووقوع الضوء عليه ، وأن لا يكون الضوء مفرطا ، وأن لا يكون في غاية القرب ، ولا في غاية البعد ، وتوسّط الشفاف (٣) بين المبصر والمبصر ، وأن يتعمّد الناظر للإبصار (٤) ، وأن لا يقارن البصر (٥) شيئا يوجب الغلط (٦).
الثانية : اتّفقت المعتزلة والفلاسفة على أنّه متى حصلت هذه الشرائط وجبت (٧) الرؤية وإلّا لجاز أن يكون بين أيدينا جبال وأنهار ، ونحن لا نشاهدها ، وإن اجتمعت هذه الشرائط ، والتالي باطل فالمقدّم مثله. وبهذا الحرف عوّلوا على أنّه (٨) لا شرط سوى هذه.
__________________
(١) جعل الفخر الرازي في المطالب العالية ٢ : ٨٤ هذا الدليل الحجّة الثانية.
(٢) في «ف» بياض من قوله : (لرأيناه) إلى هنا.
(٣) في «أ» «ف» : (الشقاق).
(٤) في «ج» «ر» «ف» : (الإبصار).
(٥) في «ج» «ر» «ف» : (الإبصار) ، وفي «س» : (المبصر).
(٦) حكى هذه الشروط الفخر الرازي في المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨٣.
(٧) في «س» : (وجب).
(٨) في «ج» «ر» «ف» : (أن).