لا يكون معلول العلّة التامّة حاصلا (١).
وأجابت الفلاسفة عن هذه الوجوه بشيء واحد ، وهو أنّهم قالوا : حاصل هذه الوجوه أنّ ما (٢) لا بدّ منه في المؤثريّة لم يكن بتمامه حاصلا في الأزل فيكون قد اخترتم أحد القسمين اللذين ذكرناهما.
أمّا الأوّل : فلأنّ وجود العالم عن القادر المختار إذا كان متوقّفا على تخصيصه بوقت من غير مخصّص فنقول : ذلك التخصيص لم يكن حاصلا في الأزل فلا (٣) تكون العلّة التامّة حاصلة في الأزل.
وأمّا الثاني فلأنّ ذلك الوقت الذي علم الله تعالى إيجاده فيه لم يكن حاصلا في الأزل ، وهو شرط في المؤثريّة ، فلم يكن كلّ ما لا بدّ منه في المؤثريّة حاصلا في الأزل ، وأيضا العلم تابع للمعلوم (٤) فلا يصحّ أن يكون علّة.
وأمّا الثالث فلأنّ ذلك الوقت الذي تعلّقت الإرادة بإيجاد العالم فيه لم يكن حاصلا في الأزل وهو شرط في المؤثريّة فلا يكون كلّ ما لا بدّ منه في المؤثريّة حاصلا في الأزل.
وأمّا الرابع فلأنّ ذلك الوقت الذي حصل العالم فيه لم يكن حاصلا في الأزل فلم يكن (٥) ما لا بدّ منه حاصلا أزلا.
وأمّا الخامس فلأنّ تلك المصلحة لمّا لم تكن موجودة إلّا في ذلك الوقت ، وهي
__________________
(١) تفصيل ذلك في أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٣٩ ، شرح الأصول الخمسة : ١١٥ ، المطالب العالية للرازي ٤ : ٤٦ ، نهاية المرام للمصنّف ٣ : ١٥٠.
(٢) في «ف» : (إمّا) بدل من : (أنّ ما).
(٣) في «ب» : (فلم) ، وفي «أ» : (لم).
(٤) (للمعلوم) لم ترد في «أ» «ب» «د» ، وفي «ر» : (المعلوم).
(٥) في «أ» «ف» : (فلا يكون) بدل من : (فلم يكن).