من الحق علينا ،
فلو أنّكم أظهرتم أعياننا وكسوتمونا حلّة الوجود ، أنعمتم علينا بذلك ، وقمنا بما
ينبغي لكم من الإجلال والتعظيم ، وأنتم أيضا كانت السلطنة تصحّ لكم بظهورنا
بالفعل، واليوم أنتم علينا سلاطين بالقوة والصلاحية ، فهذا الّذي نطلبه هو في
حقّكم أكثر منه في حقّنا.
فقالت الأسماء :
إنّ هذا الّذي ذكرته الممكنات صحيح ، فتحرّكوا في طلب ذلك ، فلما لجأوا إلى الاسم
القادر ، قال القادر : أنا تحت حيطة المريد ، فلا أوجد عينا منكم إلّا باختصاص ،
ولا يمكّنني الممكن من نفسه إلّا أن يأتيه أمر الآمر من ربّه ، فإذا أمره
بالتكوين، وقال له : كن ، مكنني من نفسه ، وتعلّقت بإيجاده ، فكوّنته من حينه ،
فالجأوا إلى الاسم المريد عسى أنّه يرجّح ويخصّص جانب الوجود على جانب العدم ،
فحينئذ نجتمع أنا والأمر والمتكلّم فنوجدكم.
فالتجأوا إلى
الاسم المريد ، فقالوا له : إن الاسم القادر سألناه في إيجاد أعياننا ، فأوقف أمر
ذلك عليك ، فما ترسم؟
فقال المريد : صدق
القادر ، ولكن ما عندي خبر ما حكم الاسم العالم فيكم ، هل سبق علمه بإيجادكم فأخصص
، أو لم يسبق؟ فأنا تحت حيطة الاسم العالم ، فسيروا إليه واذكروا له قصّتكم.
فساروا إلى الاسم
العالم ، وذكروا له ما قاله الاسم المريد ، فقال العالم : قد سبق علمي بإيجادكم ،
ولكنّ الأدب أولى ، فإنّ لنا حضرة مهيمنة علينا ، وهي الاسم «الله» ، فلا بدّ من
حضورنا عنده ، فإنها حضرة الجمع.
فاجتمعت الأسماء
كلّها في حضرة الله ، فقال : ما بالكم؟ فذكروا له الخبر ، فقال : أنا اسم جامع
لحقائقكم ، وإني دليل على مسمّى ، وهو ذات مقدّسة ، له نعوت الكمال والتنزيه ،
قفوا حتّى أدخل على مدلولي.