وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول النصارى كلهم حتى يهلكوا.
وعن عائشة أن رسول الله (ص) خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة ثم علي ، ثم قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".
فإن قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه ، وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضم الأبناء والنساء؟
قلت : كان ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجر أعلى تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه ذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته أيضا بكذب خصمه حتى يهلكه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة ، وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها حماة الحقائق ، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها ، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام. وفيه برهان واضح على صحه نبوة النبي (ص) لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك. هذا آخر كلام الزمخشري فانظر بعين الإنصاف تعرف منه أهل الصراط السوي (١).
٣٨ ـ قال (عبد المحمود) وقد ذكر النقاش في تفسيره شفاء الصدور ما هذا لفظه ، قوله عز وجل " قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم " (٢) قال أبو بكر :
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤٣٤.
(٢) آل عمران : ٦١.