البحث التاسع
في مسائل من هذا الباب
مسألة : الحق عندي أنه لا يجوز الخلو من النبي في زمان من الأزمنة ، وهو مذهب جميع أصحابنا القائلين بعدم خلو الزمان من إمام والإمام بمنزلة الرسول.
ويدل على ذلك المعقول والمنقول.
أما المعقول ، فلأن التكليف واجب لما مضى ولا يتم إلا بالرسول ، ولأن في الرسول مصلحة لا يتم بدونه وهو كف الناس من الخطأ وتنبيه الغافل عن الله تعالى وغير ذلك مما يقتضي وجوب البعثة في حال.
وأما المنقول فقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (١).
وأما مشايخ المعتزلة ، فقالوا : لا يجب في كل حال بل إذا كان للمكلفين مصلحة في البعثة ، والأشاعرة لم يوجبوا ذلك مطلقا ، والأوائل أوجبوه من حيث العقل العملي.
مسألة : جوز أبو علي بعثة رسول من غير شرع ، ومنعه أبو هاشم ، لأن العقل كاف في معرفة العقليات فبعثه لتعريفها عبث ، قال ابو علي : جاز بعثة نبيّ بعد آخر وإظهار معجزة بعد معجزة وإن وقع الغنى بما سبق ، فليجز بعثة رسول بما يقتضيه العقليات وان كان العقل (٢) كافيا.
أجاب أصحاب أبي هاشم بأن ذلك انما يجوز اذا كان فيه فائدة زائدة على الواحد او على المعجزة الواحدة وتلك الفائدة لا تحصل الّا بهما ، ولأبي علي أن
__________________
(١) فاطر : ٢٤.
(٢) ب : كلمة «العقل» ساقطة.