إذا وجد ما كان عالما بأنه سيوجد ، فاما أن يبقى صحة المعلومية بأنه سيوجد فيلزم الجهل ، وإما أن لا يبقى بل خرج من أن يكون معلوما سيوجد بعد الوجود وإنما يعلم بأنه موجود ، فقد اعترفتم بتغير الشرط وهو تغير المعلوم فيلزم تغير المشروط.
واعلم أن كلام ابي الحسين ركيك ، فان القول ببقاء العلم بأن الشيء سيوجد مع حصول العلم بالوجود حين الحصول ، قول : باجتماع المتقابلين ، ولقوة الشبهة المذكورة التزم هشام على ما نقل عنه ابو القاسم : بأنه تعالى لا يعلم الحوادث قبل وجودها (١) ، والمتكلمون أجابوا عنه بما ذكرناه.
واعلم أن القول : بالتغير قول هشام بعينه وقول بكونه تعالى محلا للحوادث.
وفيه من المحذور ما فيه (٢).
وآخرون أحالوا العلم بما لا يتناهى ، لأن العلم يتعدد بتعدد المعلومات والمعلومات غير متناهية فالعلوم غير متناهية.
والجواب : أما من يجوّز تعلق العلم بمعلومات كثيرة فيندفع عنه هذا المحذور ، وأما من يمنع فإنه يجوّز ذلك ويجعل العلم من قبيل الإضافات وعدم التناهي في الإضافات واقع ، فإن الاثنين نصف الأربعة وثلث الستة وربع الثمانية وهكذا الى ما لا يتناهى.
وآخرون أحالوا العلم بجميع المعلومات والّا لكان (٣) عالما بعلمه بالأشياء
__________________
(١) وقد نقل هذا القول عن هشام بن حكم ، الشهرستاني في : الملل والنحل ج ١ ص ١٨٥.
(٢) اعلم ان المصنف ذكر في اوّل البحث عن تعلق علمه تعالى بالجزئيات شبهتين للنافين : اولهما مسألة التغير ، وقد أجاب عنه مفصلا ، وثانيهما قولهم : «ان ادراك الجزئيات ، انما يكون بالآلات الجسمانية» ، ولم يجب عن هذه الشبهة لا هنا ولا في كشف المراد ، وقد اجاب عنه الفاضل القوشجي حيث قال : «ان ادراك الجزئيات انما يحتاج الى آلة جسمانية اذا كان العلم بانتزاع الصورة واما اذا كان اضافة محضة بدون الصورة فلا حاجة إليها» (القوشجي ، شرح تجريد الاعتقاد ص ٤١٤).
(٣) ب : كان.