البحث السادس عشر
في النظر
وهو ترتيب أمور
ذهنية يتوصل منها الى آخر.
ومنهم من حدّه
بأنه عبارة عن ترتيب تصديقات يتوصل بها الى تصديق آخر ، وهو غير عام.
وآخرون حدّوه بأنه
عبارة عن تجريد العقل عن الغفلات وهو خطأ فانهم أخذوا ما مع الشيء مكان الشيء.
وبعض المتأخرين
قال : النظر عبارة عن مجموع علوم أربعة : العلم بصحة المقدمات والعلم بصحة ترتيبها
والعلم بلزوم اللازم عنها والعلم بأن ما لزم عن الحق فهو حق.
وهو عندي خطأ ،
فإن العلم باللزوم علم بنسبة مخصوصة بين المقدمات والنتيجة فهي مسبوقة بالعلم بالنتيجة
فلا يمكن جعله جزءا من علتها.
وآخرون قالوا :
إنه عبارة عن تحديق العقل نحو المطلوب ، فان النظر بالعين لمّا كان عبارة عن تحديق
الحدقة نحو المرئي التماسا لرؤيته بالبصر ، فكذلك النظر العقلي عبارة عن تحديق
العقل نحو المطلوب التماسا لرؤيته بالبصيرة.
وهذا أيضا ضعيف
والحق ما ذكرناه أوّلا.
مسألة : اختلف الناس في افادة النظر العلم ، والحق عندنا أن
النظر متى وقع على الوجه الصحيح أفاد العلم ، فإن من علم أن العالم متغير وأن كل
متغير محدث علم أن العالم محدث قطعا.
والسمنية أنكروا
إفادته للعلم مطلقا ، وجمع من المهندسين أنكروا افادته
__________________