الْغافِلُونَ) [الأعراف : ١٧٩] ، فسلهم : هل يستطيع هؤلاء أن ينقلبوا عما ذرأهم الله له؟ فإن قالوا : نعم ؛ فقد كذبوا ، وزعموا أنهم يستطيعون أن يبدلوا خلقهم وإرادة الله فيهم. وإن قالوا : لا ؛ كان نقضا لقولهم.
تمت مسألته
جوابها :]
وأما ما سأل عنه من قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) ، فقال : هل يستطيع أحد أن يخرج أو ينتقل مما ذرئ له وتوهم ، بل قال : إن الله ذو الجلال والإكرام خلق لجهنم قوما كافرين ذرأهم وأوجدهم ابتداء فاسقين ، وخلقهم ضالين مضلين ، لا ينفع فيهم دعاء ، ولا يقدرون طول الزمان على الاهتداء (٣٦٦) ؛ لما قد خلقوا له من الشقاء ، فهم أبدا بفعل الفواحش مولعون ، ولعمل الهدى غير مطيقين ، وأنهم على ذلك مجبولون ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فنقول في ذلك على الله بالحق ، والله الموفق لكل خير وصدق ، فنقول : إن معنى الآية خلاف ما ذهب إليه الحسن بن محمد ، وإن القول خلاف ما قال به فيه ؛ بل معناه على الصدق والمعاد ، لعلم الله بما يكون من العباد ، فقال : (ذَرَأْنا) ، فأخبر عما سيكون في آخر الأمر ويوم القيامة والحشر من الذرو الثاني لا الذرو الأول الماضي ، فكذلك الله (٣٦٧) رب العالمين يذرأ لجهنم في يوم الدين جميع من مات على كفره من الكافرين فيعذبهم على فعلهم ويعاقبهم على ما تقدم من كفرهم ، كما قال الرحمن الرحيم الرءوف الكريم : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ
__________________
(٣٦٦) في (ب) : اهتداء.
(٣٦٧) سقط من (ب).