الملك وصاحب العزة ، ومالك الشيء ورب الشيء سواء في المعنى ؛ فلذلك جعلنا العرش متصلا بالله ؛ لأنه ملك الله ، وملك الله متصل به ؛ ولذلك لم يكن بين الملك وبين الله فرق ؛ لأنه لو جاز لنا أن نفرق بين الله وبين ملكه لقلنا : إن الله خلق الملك في زمن الملك في ذاته ، وملك الله عزوجل فلا يقاس بملك العباد ؛ لأن العباد إنما صاروا ملوكا بما ملكوا ، والله فهو الملك بنفسه ، ولا يزيد بشيء مما خلق في ملكه.
معنى قول الله تعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧].
فإن قال قائل : فما معنى قوله : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧]؟
قلنا له : إن إحاطته بجميع الأشياء هي العرش العالي فوق جميع الأشياء ، وذلك العرش العالي فوق جميع الأشياء فهو الله العالي على جميع الأشياء ، فالله عزوجل هو المحيط بجميع الأشياء بعرشه يريد أنه المحيط بجميع الأشياء بملكه ، أي أنه علا فوق جميع الأشياء بنفسه ، ليس ثم عرش ولا ملك غيره. ومعنى قوله : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧] ، يريد : أنه كان المحيط بالماء من قبل خلقه للأرض والسماء ، فذلك العرش المحيط بالماء ، لم يتغير عن حاله ، ولم يزل هو المحيط بالماء ، والمحيط من بعد الماء بالأرض والسماء ، فذلك العرش إنما هو مقام الله.
ولا يجوز لنا أن نقول هو مجلس الله ، ولكنا نقول هو مقام الله تعالى ، وليس كمقام الانتصاب إنما ذلك كمال الله بنفسه ، فهو الجليل الكامل بنفسه ، العظيم الجبار ، ذو الشرف والبهاء والسناء العظيم ، فهذا معنى قول الله عزوجل : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧] ، يخبر أنها لم تكن أرض ولا سماء سوى الماء. ونحن نقول : إنه قد كان عرش الله ولا ماء ، ونقول : إن عرش الله لم يزل ، وإن أسماء الله لم تزل ، وإن صفات الله ومدائحه كلها لم تزل ؛ لأن الله يقول في كتابه : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] ، ولا يجوز لنا أن نقول : إنه لم يكن مستويا على عرش ثم استوى ، إذا لقلنا بخلاف قوله عزوجل ، بل نقول : إن الله لم يزل ذا عرش عظيم ، يريد بذلك العرش العظيم الله العظيم.
وقلنا له : ليس ثم عرش لله عزوجل ، وإنما ذكر العرش فعرفنا به الملك ، ولم يصفه بصفة